قوله : ( عن العلاء أنه دخل على أنس بن مالك - رضي الله عنه - في داره حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد ، فلما دخلنا عليه قال : أصليتم العصر ؟ فقلنا له : إنما انصرفنا الساعة من الظهر ، [ ص: 265 ] قال : فصلوا العصر ؛ فقمنا فصلينا العصر ، فلما انصرفنا قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ) ، وفي رواية : ( عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ، ثم دخلنا على أنس فوجدناه يصلي العصر فقلت ، يا عم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال العصر ، وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كنا نصلي معه ) هذان الحديثان صريحان في التبكير بصلاة العصر في أول وقتها وأن وقتها يدخل بمصير ظل الشيء مثله ، ولهذا كان الآخرون يؤخرون الظهر إلى ذلك الوقت ، وإنما أخرها عمر بن عبد العزيز على عادة الأمراء قبله قبل أن تبلغه السنة في تقديمها ، فلما بلغته صار إلى التقديم ، ويحتمل أنه أخرها لشغل وعذر عرض له ، وظاهر الحديث يقتضي التأويل الأول ، وهذا كان حين ولي عمر بن عبد العزيز المدينة نيابة لا في خلافته ؛ لأن أنسا - رضي الله عنه - توفي قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بنحو تسع سنين .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تلك صلاة المنافق ) فيه : تصريح بذم تأخير صلاة العصر بلا عذر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يجلس يرقب الشمس ) .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( بين قرني الشيطان ) اختلفوا فيه فقيل : هو على حقيقته وظاهر لفظه ، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها ، وكذا عند طلوعها ؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له ، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له . وقيل : هو على المجاز ، والمراد بقرنه وقرنيه : علوه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبته وأعوانه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هو تمثيل ، ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه . والصحيح الأول .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ) تصريح بذم من صلى مسرعا بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار ، والمراد بالنقر : سرعة الحركات كنقر الطائر .