قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ) فيه : دليل لمن قال من النحويين : يجوز إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم ، وهو لغة بني الحارث ، وحكوا فيه قولهم : أكلوني البراغيث ، وعليه حمل الأخفش ومن وافقه قول الله تعالى : وأسروا النجوى الذين ظلموا وقال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وأكثر النحويين : لا يجوز إظهار الضمير مع تقدم الفعل ، ويتأولون كل هذا ويجعلون الاسم بعده بدلا من الضمير ولا يرفعونه بالفعل كأنه لما قيل : وأسروا النجوى قيل : من هم؟ قيل : الذين ظلموا ، وكذا يتعاقبون ونظائره . ومعنى ( يتعاقبون ) تأتي طائفة بعد طائفة ، ومنه تعقب الجيوش ؛ وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجيء آخرون . وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمة لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم ، فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ) فهذا السؤال على ظاهره ، وهو تعبد منه لملائكته ، كما أمرهم بكتب الأعمال ، وهو أعلم بالجميع . قال القاضي عياض رحمه الله : الأظهر وقول الأكثرين : أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتاب قال : وقيل : يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة .