قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين ) وفي الرواية الأخرى ( من ولده ووالده والناس أجمعين ) ، قال الإمام أبو سليمان الخطابي : لم يرد به حب الطبع ، بل [ ص: 212 ] أراد به حب الاختيار ، لأن حب الإنسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه . قال : فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفني في طاعتي نفسك ، وتؤثر رضاي على هواك ، وإن كان فيه هلاكك . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . وقال ابن بطال ، والقاضي عياض ، وغيرهما رحمة الله عليهم : المحبة ثلاثة أقسام محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد ، ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد ، ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس فجمع - صلى الله عليه وسلم - أصناف المحبة في محبته . قال ابن بطال - رحمه الله - : ومعنى الحديث : أن من استكمل الإيمان علم أن حق النبي - صلى الله عليه وسلم - آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين ; لأن به - صلى الله عليه وسلم - استنقذنا من النار ، وهدينا من الضلال . قال القاضي عياض - رحمه الله - : ومن محبته - صلى الله عليه وسلم - نصرة سنته ، والذب عن شريعته ، وتمني حضور حياته ; فيبذل ماله ونفسه دونه . قال : وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا يتم إلا بذلك ، ولا يصح الإيمان إلا بتحقيق إعلاء قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنزلته على كل والد ، وولد ، ومحسن ، ومفضل . ومن لم يعتقد هذا ، واعتقد سواه ، فليس بمؤمن . هذا كلام القاضي - رحمه الله - . والله أعلم .
وأما إسناد هذا الحديث فقال مسلم - رحمه الله - : ( وحدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس ) .