قال مسلم : حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15792خالد يعني ابن الحارث ، حدثنا شعبة عن قتادة قال : سمعت أنسا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بمثله ) هذه الأسانيد الثلاثة رواتها كلهم بصريون ، وهذا من المستطرفات أن يجتمع ثلاثة أسانيد متصلة مسلسلون بغير قصد ، وقد سبق بيان مثله ، وشعبة واسطي بصري ، سبق بيانه مرات . وفي الطريق الثالث فائدة حسنة وهي أن قتادة صرح بالسماع من أنس بخلاف الأوليين ، وقتادة مدلس فينتفي أن يخاف من تدليسه بتصريحه بالسماع ، وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات .
[ ص: 413 ] وأما قوله : ( آلله سماني لك ) فيه : أنه يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ على رجل من أمته ولم ينص على أبي فأراد أبي أن يتحقق هل نص عليه أو قال : على رجل؟ فيؤخذ منه الاستثبات في المحتملات .
واختلفوا في الحكمة في قراءته - صلى الله عليه وسلم - على أبي ، والمختار أن سببها أن تستن الأمة بذلك في القراءة على أهل الإتقان والفضل ويتعلموا آداب القراءة ولا يأنف أحد من ذلك . وقيل : للتنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه ، وكان يعده - صلى الله عليه وسلم - رأسا وإماما في إقراء القرآن ، وهو أجل ناشرته أو من أجلهم . ويتضمن معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأما تخصيص هذه السورة فلأنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب ، وكان الوقت يقتضي الاختصار . والله أعلم .