قوله : ( وحدثنا أحمد بن جعفر المعقري ) هو بفتح الميم وإسكان العين المهملة وكسر القاف منسوب إلى معقر وهي ناحية باليمن .
قوله : ( جرآء عليه قومه ) هكذا هو في جميع الأصول جرآء بالجيم المضمومة جمع جريء بالهمز من الجرأة وهي الإقدام والتسلط ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في الجمع بين الصحيحين ( حراء ) بالحاء المهملة المكسورة ، ومعناه : غضاب ذو غم ، قد عيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم ، من قولهم : حرى جسمه يحري كضرب يضرب إذا نقص من ألم وغيره ، والصحيح أنه بالجيم .
قوله : ( فقلت له ما أنت ) هكذا هو في الأصول ( ما أنت ؟ ) وإنما قال : ( ما أنت ) ولم يقل : ( من أنت؟ ) لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته ، والصفات مما لا يعقل .
[ ص: 435 ] وقوله : ( ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ) دليل على فضلهما ، وقد يحتج به من قال إنهما أول من أسلم .
قوله : ( فقلت : إني متبعك قال : إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس ؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني ) معناه : قلت له : إني متبعك على إظهار الإسلام هنا ، وإقامتي معك فقال : لا تستطيع ذلك لضعف شوكة المسلمين ونخاف عليك من أذى كفار قريش ، ولكن قد حصل أجرك فابق على إسلامك ، وارجع إلى قومك واستمر على الإسلام في موضعك حتى تعلمني ظهرت فأتني ، وفيه معجزة للنبوة وهي إعلامه بأنه سيظهر .
قوله : ( فقلت يا رسول الله ، أتعرفني ؟ قال : نعم أنت الذي لقيتني بمكة ، فقلت : بلى ) فيه صحة الجواب ( ببلى ) وإن لم يكن قبلها نفي ، وصحة الإقرار بها وهو الصحيح في مذهبنا ، وشرط بعض أصحابنا أن يتقدمها نفي .
قوله : ( فقلت : يا رسول الله ، أخبرني عما علمك الله ) هكذا هو عما علمك ، وهو صحيح ومعناه أخبرني عن حكمه وصفته وبينه لي .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( فإن الصلاة مشهودة محضورة ) أي تحضرها الملائكة فهي أقرب إلى القبول وحصول الرحمة .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم ، فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة ) معنى : يستقل الظل بالرمح أي يقوم مقابله في جهة الشمال [ ص: 436 ] وليس مائلا إلى المغرب ولا إلى المشرق ، وهذه حالة الاستواء ، وفي الحديث التصريح بالنهي عن الصلاة حينئذ حتى تزول الشمس ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماهير العلماء . واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حالة الاستواء يوم الجمعة ، nindex.php?page=showalam&ids=14961وللقاضي عياض - رحمه الله - في هذا الموضع كلام عجيب في تفسير الحديث ومذاهب العلماء نبهت عليه لئلا يغتر به . ومعنى ( تسجر جهنم ) توقد عليها إيقادا بليغا . واختلف أهل العربية هل جهنم اسم عربي أم عجمي؟ فقيل : عربي مشتق من الجهومة وهي كراهة المنظر ، وقيل : من قولهم بئر جهام أي عميقة فعلى هذا لم تصرف للعلمية والتأنيث . وقال الأكثرون : هي عجمية معربة وامتنع صرفها للعلمية والعجمة .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة ) معنى : أقبل الفيء ظهر إلى جهة المشرق ، والفيء مختص بما بعد الزوال ، وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده ، وفيه كلام نفيس بسطته في تهذيب الأسماء .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( حتى تصلي العصر ) فيه دليل على أن النهي لا يدخل بدخول وقت العصر ، ولا بصلاة غير الإنسان ، وإنما يكره لكل إنسان بعد صلاة العصر حتى لو أخر عن أول الوقت لم يكره التنفل قبلها .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( يقرب وضوءه ) هو بضم الياء وفتح القاف وكسر الراء المشددة أي يدنيه ، والوضوء هنا بفتح الواو وهو الماء الذي يتوضأ به .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( ويستنشق فينتثر ) أي يخرج الذي في أنفه ، يقال نثر وانتثر واستنثر ، مشتق من النثرة وهي الأنف ، وقيل : طرفه وقد سبق بيانه في الطهارة .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه ) هكذا ضبطناه ( خرت ) بالخاء المعجمة ، وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة إلا ابن أبي جعفر فرواه ( جرت ) بالجيم . ومعنى ( خرت ) بالخاء أي سقطت . ومعنى ( جرت ) ظاهر . والمراد بالخطايا الصغائر كما سبق في كتاب الطهارة ما اجتنبت الكبائر . والخياشيم جمع خيشوم وهو أقصى الأنف ، وقيل : الخياشيم عظام رقاق في أصل الأنف بينه وبين الدماغ ، وقيل غير ذلك .
قوله - صلى الله عليه وسلم : ( ثم يغسل قدميه ) فيه دليل لمذهب العلماء كافة أن الواجب غسل الرجلين ، وقال الشيعة : الواجب مسحهما ، وقال ابن جرير : هو مخير ، وقال بعض الظاهرية : يجب الغسل والمسح .
[ ص: 437 ] قوله : ( لو لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا حتى عد سبع مرات ما حدثت به أبدا ولكني سمعته أكثر من ذلك ) هذا الكلام قد يستشكل من حيث إن ظاهره أنه لا يرى التحديث إلا بما سمعه أكثر من سبع مرات ، ومعلوم أن من سمع مرة واحدة جاز له الرواية ، بل تجب عليه إذا تعين لها ، وجوابه أن معناه : لو لم أتحققه وأجزم به لما حدثت به ، وذكر المرات بيانا لصورة حاله ولم يرد أن ذلك شرط ، والله أعلم .