[ ص: 240 ] أحدهما : أنه محمول على من فعله مستحلا له ،
والثاني أن جزاءه أنها محرمة عليه أولا عند دخول الفائزين وأهل السلامة ثم إنه قد يجازى فيمنعها عند دخولهم ، ثم يدخلها بعد ذلك وقد لا يجازى بل يعفو الله سبحانه وتعالى عنه ، ومعنى حرام : ممنوعة ، ويقال : رغب عن أبيه أي : ترك الانتساب إليه ، وجحده ، يقال : رغبت عن الشيء تركته وكرهته ، ورغبت فيه اخترته وطلبته .
وأما قول أبي عثمان : لما ادعي زياد لقيت أبا بكرة فقلت له ما هذا الذي صنعتم ؟ إني سمعت nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص يقول : سمع أذناي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=753901من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكرة : أنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمعنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة ; وذلك أن زيادا هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان ، ويقال فيه : nindex.php?page=showalam&ids=15935زياد بن أبيه ، ويقال : زياد بن أمه ، وهو أخو أبي بكرة لأمه ، وكان يعرف بزياد بن عبيد الثقفي ، ثم ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان وألحقه بأبيه أبي سفيان ، وصار من جملة أصحابه بعد أن كان من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ; فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة ما هذا الذي صنعتم ؟ وكان أبو بكرة - رضي الله عنه - ممن أنكر ذلك ، وهجر بسببه زيادا ، وحلف أن لا يكلمه أبدا . ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام ، أو يكون مراده بقوله : ما هذا الذي صنعتم ؟ أي ما هذا الذي جرى من أخيك ؟ ما أقبحه وأعظم عقوبته ! فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم على فاعله الجنة .
وقوله : ( ادعي ) ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبني لما لم يسم فاعله أي ادعاه معاوية . ووجد بخط الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14751أبي عامر العبدري ادعى بفتح الدال والعين على أن زيادا هو الفاعل وهذا له وجه من حيث إن معاوية ادعاه ، وصدقه زياد ، فصار زياد مدعيا أنه ابن أبي سفيان . والله أعلم .
وأما قول سعد ( سمع أذناي ) فهكذا ضبطناه سمع بكسر الميم وفتح العين ، وأذناي بالتثنية . وكذا نقل الشيخ أبو عمرو كونه أذناي بالألف على التثنية عن رواية أبي الفتح السمرقندي عن عبد الغافر قال : وهو فيما يعتمد من أصل أبي القاسم العساكري وغيره ( أذني ) بغير ألف . وحكى القاضي عياض أن بعضهم ضبطه بإسكان الميم وفتح العين على المصدر وأذني بلفظ الإفراد قال : وضبطناه من طريق الجياني بضم العين مع إسكان الميم وهو الوجه . قال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : العرب تقول : سمع أذني زيدا يقول كذا . وحكي عن القاضي الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=13224أبي علي بن سكرة أنه ضبطه بكسر الميم كما ذكرناه أولا . وأنكره القاضي وليس إنكاره بشيء . بل الأوجه المذكورة كلها صحيحة ظاهرة . ويؤيد كسر الميم قوله في الرواية الأخرى سمعته أذناي ووعاه قلبي . والله أعلم .
وأما قوله في الرواية الأخرى : ( سمعته أذناي ، ومعنى ووعاه حفظه . والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالإسناد ففيه هارون الأيلي بالمثناة . وعراك بكسر العين المهملة وتخفيف الراء بالكاف . وفيه ( nindex.php?page=showalam&ids=12081أبو عثمان ) وهو النهدي بفتح النون ، واسمه ( nindex.php?page=showalam&ids=12081عبد الرحمن بن مل ) بفتح الميم وكسرها [ ص: 241 ] وضمها مع تشديد اللام ، ويقال ملء بالكسر مع إسكان اللام وبعدها همزة ، وقد تقدم بيانه في شرح آخر المقدمة .
وأما ( nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة ) فاسمه نفيع بن الحارث بن كلدة بفتح الكاف واللام ، وأمه وأم أخيه زياد سمية . أمة الحارث بن كلدة . وقيل له أبو بكرة لأنه تدلى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف ببكرة . مات بالبصرة سنة إحدى ، وقيل اثنتين وخمسين - رضي الله عنه - . والله سبحانه وتعالى أعلم .