وقوله ( على إثر سماء ) هو بكسر الهمزة وإسكان الثاء وبفتحهما جميعا لغتان مشهورتان ، والسماء المطر .
وأما معنى الحديث فاختلف العلماء في كفر من قال : ( مطرنا بنوء كذا ) على قولين : أحدهما : هو كفر بالله سبحانه وتعالى سالب لأصل الإيمان مخرج من ملة الإسلام . قالوا : وهذا فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر ، كما كان بعض أهل الجاهلية يزعم ، ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره . وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي منهم وهو ظاهر الحديث ، قالوا : وعلى هذا لو قال : مطرنا بنوء كذا معتقدا أنه من [ ص: 246 ] الله تعالى وبرحمته ، وأن النوء ميقات له وعلامة اعتبارا بالعادة فكأنه قال : مطرنا في وقت كذا ، فهذا لا يكفر . واختلفوا في كراهته والأظهر كراهته لكنها كراهة تنزيه لا إثم فيها . وسبب الكراهة أنها كلمة مترددة بين الكفر وغيره ، فيساء الظن بصاحبها ، ولأنها شعار الجاهلية ، ومن سلك مسلكهم .
وأما ( النوء ) ففيه كلام طويل قد لخصه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله - ، فقال : النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء نوءا أي سقط ، وغاب . وقيل : أي نهض وطلع . وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين . يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته . وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما . وقال الأصمعي : إلى الطالع منهما . قال أبو عبيد : ولم أسمع أحدا ينسب النوء للسقوط إلا في هذا الموضع . ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءا تسمية للفاعل بالمصدر . قال nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج في بعض أماليه : الساقطة في الغرب هي الأنواء والطالعة في المشرق هي البوارج . والله أعلم .
وأما تفسير الآية فقيل : تجعلون رزقكم أي شكركم كذا قاله ابن عباس والأكثرون . وقيل : تجعلون شكر رزقكم . قاله الأزهري nindex.php?page=showalam&ids=12096وأبو علي الفارسي . وقال الحسن : أي تجعلون حظكم .
وأما مواقع النجوم فقال الأكثرون : المراد نجوم السماء . ومواقعها مغاربها . وقيل : مطالعها . وقيل : انكدارها وقيل : يوم القيامة . وقيل : النجوم نجوم القرآن وهي أوقات نزوله . وقال مجاهد : مواقع النجوم محكم القرآن . والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالأسانيد ففيه عمرو بن سواد بتشديد الواو آخره دال .
وفيه ( أبو يونس ) مولى أبي هريرة واسمه ( سليم بن جبير ) بضم أولهما .
وفيه عباس بن عبد العظيم العنبري هو بالسين المهملة ، والعنبري بالعين المهملة والنون بعدها موحدة ، قال القاضي : وضبطه العذري الغبري بالغين المعجمة وهو تصحيف بلا شك ، وفيه أبو زميل بضم الزاي وفتح الميم واسمه سماك بن الوليد الحنفي اليمامي ، قال ابن عبد البر : أجمعوا على أنه ثقة ، والله أعلم .
وأما قول مسلم - رحمه الله - : ( حدثني محمد بن سلمة المرادي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث ) قال مسلم - رحمه الله - : ( وحدثني عمرو بن سواد أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب أخبرنا عمرو بن [ ص: 248 ] الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) فهذا الإسناد كله بصريون إلا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة فمدني ، وإنما أتى مسلم بعبد الله بن وهب ، nindex.php?page=showalam&ids=16700وعمرو بن الحارث أولا ثم أعادهما ولم يقتصر على قوله حدثنا محمد ، وعمرو بن سواد لاختلاف لفظ الروايات كما ترى . وقد نبهنا على مثل هذا التدقيق والاحتياط لمسلم - رحمه الله - في مواضع . والله أعلم بالصواب .