[ ص: 70 ] قوله : ( وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ) اختلفوا في ضبط هذه اللفظة على أوجه : قال القاضي رحمه الله : روينا هذه اللفظة عن شيوخنا بفتح الراء وضمها مع كسر الباء ، وبفتح الباء والراء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : قرأت هذه اللفظة على أبي ذر البروي بفتح الراء على كل حال قال : وعليه أدركت أهل العلم والحفظ بالمشرق وقال لي الصوري : هي بالفتح ، واتفقا على أن من رفع الراء وألزمها حكم الإعراب فقد أخطأ . قال : وبالرفع قرأناه على شيوخنا بالأندلس ، وهذا الموضع يعرف بقصر بني جديلة قبلي المسجد ، وذكر مسلم رواية حماد بن سلمة هذا الحرف ( بريحاء ) بفتح الباء وكسر الراء ، وكذا سمعناه من أبي بجر عن العذري والسمرقندي ، وكان عند ابن سعيد عن البحري من رواية حماد ( بيرحاء ) بكسر الباء وفتح الراء ، وضبطه nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي من رواية حماد ( بيرحاء ) بفتح الباء والراء ، ووقع في كتاب أبي داود : جعلت أرضي ( باريحا لله ) . وأكثر رواياتهم في هذا الحرف بالقصر ، ورويناه عن بعض شيوخنا بالوجهين ، وبالمد وجدته بخط الأصيلي ، وهو حائط يسمى بهذا الاسم ، وليس اسم بئر والحديث يدل عليه . والله أعلم . هذا آخر كلام القاضي .
قوله : ( قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله تعالى يقول في كتابه ) إلى آخره . فيه دلالة للمذهب الصحيح وقول الجمهور أنه يجوز أن يقال : إن الله يقول ، كما يقال : إن الله قال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف بن عبد الله بن شخير التابعي لا يقال : الله يقول ، وإنما يقال : قال الله ، أو الله قال ، ولا يستعمل مضارعا . وهذا غلط والصواب جوازه ، وقد قال الله تعالى : والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة باستعمال ذلك ، وقد أشرت إلى طرف منها في كتاب الأذكار ، وكأن من كرهه ظن أنه يقتضي استئناف القول ، وقول الله تعالى قديم ، وهذا ظن عجيب ، فإن المعنى مفهوم ولا لبس فيه ، وفي هذا الحديث استحباب الإنفاق مما يحب ، ومشاورة أهل العلم والفضل في كيفية الصدقات ووجوه الطاعات وغيرها .
[ ص: 71 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح ) قال أهل اللغة : يقال : ( بخ ) بإسكان الخاء وتنوينها مكسورة ، وحكى القاضي الكسر بلا تنوين ، وحكى الأحمر التشديد فيه . قال القاضي : وروي بالرفع فإذا كررت فالاختيار تحريك الأول منونا ، وإسكان الثاني قال ابن دريد : معناه تعظيم الأمر وتفخيمه ، وسكنت الخاء فيه كسكون اللام في هل وبل . ومن قال : ( بخ ) بكسره منونا شبهه بالأصوات كصه ومه ، قال ابن السكيت : بخ بخ . وبه به بمعنى واحد ، وقال الداودي : بخ كلمة تقال إذا حمد الفعل ، وقال غيره : تقال عند الإعجاب . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : مال رابح . فضبطناه هنا بوجهين بالياء المثناة وبالموحدة ، وقال القاضي : روايتنا فيه في كتاب مسلم : بالموحدة ، واختلفت الرواة فيه عن مالك في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والموطأ وغيرهما ، فمن رواه بالموحدة فمعناه ظاهر ، ومن رواه ( رايح ) بالمثناة فمعناه رايح عليك أجره ونفعه في الآخرة .
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما سبق من أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين .