قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا يقبل الله إلا الطيب ) المراد بالطيب هنا الحلال .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل ) قال المازري : قد ذكرنا استحالة الجارحة على الله سبحانه وتعالى ، وأن هذا الحديث وشبهه إنما عبر به على ما اعتادوا في خطابهم ليفهموا ، فكنى هنا عن قبول الصدقة بأخذها في الكف ، وعن تضعيف أجرها بالتربية ، فقال القاضي عياض : لما كان الشيء الذي يرتضى ويعز يتلقى باليمين ويؤخذ بها استعمل في مثل هذا ، واستعير للقبول والرضا كما قال الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
.
[ ص: 82 ] قال : وقيل عبر باليمين هنا عن جهة القبول والرضا إذ الشمال بضده في هذا . قال : وقيل المراد بكف الرحمن هنا ويمينه كف الذي تدفع إليه الصدقة ، وإضافتها إلى الله تعالى إضافة ملك واختصاص لوضع هذه الصدقة فيها لله عز وجل . قال : وقد قيل في تربيتها وتعظيمها حتى تكون أعظم من الجبل ، أن المراد بذلك تعظيم أجرها وتضعيف ثوابها . قال : ويصح أن يكون على ظاهره وأن تعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها ويزيدها من فضله حتى تثقل في الميزان ، وهذا الحديث نحو قول الله تعالى : يمحق الله الربا ويربي الصدقات .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ) قال أهل اللغة : ( الفلو ) المهر سمي بذلك ؛ لأنه فلي عن أمه ، أي : فصل وعزل . والفصيل : ولد الناقة إذا فصل من إرضاع أمه ، فعيل بمعنى مفعول ، كجريح ، وقتيل : بمعنى مجروح ومقتول . وفي ( الفلو ) لغتان فصيحتان أفصحهما وأشهرهما : فتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو ، والثانية : كسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف اللام .