اتفق أصحابنا على النهي عن الوصال وهو صوم يومين فصاعدا من غير أكل أو شرب بينهما ، ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابنا على كراهته ، ولهم في هذه الكراهة وجهان أصحهما : أنها كراهة تحريم . والثاني : كراهة تنزيه ، وبالنهي عنه قال جمهور العلماء ، وقال القاضي عياض : اختلف العلماء في أحاديث الوصال ، فقيل : النهي عنه رحمة وتخفيف ، فمن قدر فلا حرج ، وقد واصل جماعة من السلف الأيام ، قال : وأجازه ابن وهب وأحمد وإسحاق إلى السحر ، ثم حكي عن الأكثرين كراهته ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره من أصحابنا : الوصال من الخصائص التي أبيحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمت على الأمة ، واحتج لمن أباحه بقوله في بعض طرق مسلم : نهاهم عن الوصال رحمة لهم ، وفي بعضها لما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال ، فقال : ( لو تأخر الهلال لزدتكم ) وفي بعضها : ( لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ) . واحتج الجمهور بعموم النهي ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تواصلوا ) .
وأجابوا على قوله : ( رحمة ) بأنه لا يمنع ذلك كونه منهيا عنه للتحريم ، وسبب تحريمه : الشفقة عليهم ، لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم ، وأما الوصال بهم يوما ثم يوما فاحتمل للمصلحة في تأكيد زجرهم ، وبيان الحكمة [ ص: 173 ] في نهيهم ، والمفسدة المترتبة على الوصال وهي الملل من العبادة ، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها وآدابها ، وملازمة الأذكار وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله . والله أعلم .