( باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها ) قال العلماء : وسميت ليلة القدر ؛ لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة ، كقوله تعالى : فيها يفرق كل أمر حكيم وقوله تعالى : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ومعناه : يظهر للملائكة ما سيكون فيها ، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم ، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به ، وتقديره له ، وقيل : سميت ليلة القدر ؛ لعظم قدرها وشرفها ، وأجمع من يعتد به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر ؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة ، قال القاضي : واختلفوا في محلها ، فقال جماعة : هي منتقلة تكون في سنة في ليلة ، وفي سنة أخرى في ليلة أخرى ، وهكذا ، وبهذا يجمع بين الأحاديث ، ويقال : كل حديث جاء بأحد أوقاتها ولا تعارض فيها ، قال : ونحو هذا قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم ، قالوا : وإنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان ، وقيل : بل في كله ، وقيل : إنها معينة فلا تنتقل أبدا بل هي ليلة معينة في جميع السنين لا تفارقها ، وعلى هذا قيل : في السنة كلها ، وهو قول ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وصاحبيه ، وقيل : بل في شهر رمضان كله ، وهو قول ابن عمر وجماعة من الصحابة ، وقيل : بل في العشر الوسط والأواخر ، وقيل : في العشر الأواخر ، وقيل : تختص بأوتار العشر ، وقيل : بأشفاعها . كما في حديث أبي سعيد ، وقيل : بل في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين ، وهو قول ابن عباس ، وقيل : تطلب في ليلة سبع عشرة أو إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، وحكي عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وقيل : ليلة ثلاث وعشرين ، وهو قول كثيرين من الصحابة وغيرهم ، وقيل : ليلة أربع وعشرين ، وهو محكي عنبلال nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وقتادة ، وقيل : ليلة سبع وعشرين ، وهو قول جماعة من الصحابة ، وقيل : سبع عشرة ، وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أيضا ، وقيل : تسع عشرة ، وحكي عن ابن مسعود أيضا ، وحكي عن علي أيضا ، وقيل : آخر ليلة من الشهر ، قال القاضي : وشذ قوم فقالوا : رفعت ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم حين تلاحا الرجلان : ( فرفعت ) ، وهذا غلط من هؤلاء الشاذين ؛ لأن آخر الحديث يرد عليهم ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3505557فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في السبع والتسع ، هكذا [ ص: 240 ] هو في أول صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وفيه تصريح بأن المراد برفعها رفع بيان علم عينها ، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت ) أي : توافقت ، وهكذا هو في النسخ بطاء ثم تاء ، وهو مهموز وكان ينبغي أن يكتب بألف بين الطاء والتاء صورة للهمزة ، ولا بد من قراءته مهموزا ، قال الله تعالى : ليواطئوا عدة ما حرم الله .