هو في اللغة : الحبس والمكث واللزوم ، وفي الشرع : المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة ، ويسمى الاعتكاف جوازا ، ومنه الأحاديث الصحيحة منها حديث عائشة في أوائل الاعتكاف من صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=3505562كان النبي صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض وذكر مسلم الأحاديث في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان ، والعشر الأول من شوال ، ففيها استحباب الاعتكاف وتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان . وقد أجمع المسلمون على استحبابه ، وأنه ليس بواجب ، وعلى أنه متأكد في العشر الأواخر من رمضان ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه وموافقيهم : أن الصوم ليس بشرط لصحة الاعتكاف ، بل يصح اعتكاف الفطر ، ويصح اعتكاف ساعة واحدة ، ولحظة واحدة ، وضابطه عند أصحابنا : مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة ، هذا هو الصحيح .
وفيه خلاف شاذ في المذهب ، ولنا وجه أنه يصح اعتكاف [ ص: 248 ] المار في المسجد من غير لبث ، والمشهور : الأول ، فينبغي لكل جالس في المسجد ؛ لانتظار صلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن ينوي الاعتكاف ، فيحسب له ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد ، فإذا خرج ثم دخل جدد نية أخرى ، وليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف ، ولو تكلم بكلام دنيا ، أو عمل صنعة من خياطة أو غيرها ، لم يبطل اعتكافه ، وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة والأكثرون : يشترط في الاعتكاف الصوم ، فلا يصح اعتكاف مفطر ، واحتجوا بهذه الأحاديث ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي باعتكافه صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من شوال ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، وبحديث عمر رضي الله عنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3505563يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية ، فقال : أوف بنذرك ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، والليل ليس محلا للصوم ، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف .
وفي هذه الأحاديث : أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في ملازمته ، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة لا سيما النساء ؛ لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر .
وهذا الذي ذكرناه من اختصاصه بالمسجد ، وأنه لا يصح في غيره ، هو مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وداود والجمهور سواء الرجل والمرأة ، وقال أبو حنيفة : يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها ، وهو الموضع المهيأ من بيتها لصلاتها ، قال : ولا يجوز للرجل في مسجد بيته ، وكمذهب أبي حنيفة قول قديم nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ضعيف عند أصحابه ، وجوزه بعض أصحاب مالك ، وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي للمرأة والرجل في مسجد بيتهما ، ثم اختلف الجمهور المشترطون المسجد العام ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وجمهورهم : [ ص: 249 ] يصح الاعتكاف في كل مسجد ، وقال أحمد : يختص بمسجد تقام الجماعة الراتبة فيه ، وقال أبو حنيفة : يختص بمسجد تصلى فيه الصلوات كلها ، وقال الزهري وآخرون : يختص بالجامع الذي تقام فيه الجمعة ، ونقلوا عن حذيفة بن اليمان الصحابي اختصاصه بالمساجد الثلاثة : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، والأقصى ، وأجمعوا على أنه لا حد لأكثر الاعتكاف . والله أعلم .