قال القاضي : قال المازري : التلبية مثناة للتكثير والمبالغة ، ومعناه : إجابة بعد إجابة ، ولزوما لطاعتك فتثنى للتوكيد لا تثنية حقيقية ، بمنزلة قوله تعالى : بل يداه مبسوطتان أي : نعمتاه ، على تأويل اليد بالنعمة هنا ، ونعم الله تعالى لا تحصى ، وقال يونس بن حبيب البصري : ( لبيك ) اسم مفرد لا مثنى ، قال : وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير ( كلدي ) وعلى مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه مثنى بدليل قلبها ياء مع المظهر ، وأكثر الناس على ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قال ابن الأنباري : ثنوا ( لبيك ) كما ثنوا ( حنانيك ) أي : تحننا بعد تحنن وأصل [ ص: 264 ] ( لبيك ) : لببتك فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات ، فأبدلوا من الثالثة ياء كما قالوا : من الظن ( تظنيت ) ، والأصل ( تظننت ) .
واختلفوا في معنى لبيك واشتقاقها ، فقيل : معناها : اتجاهي وقصدي إليك ، مأخوذ من قولهم : داري تلب دارك ، أي : تواجهها ، وقيل : معناها : محبتي ، قولهم : ( لك ) مأخوذ من قولهم : امرأة لبة ، إذا كانت محبة لولدها ، عاطفة عليه ، وقيل : معناها : إخلاص لك ، مأخوذ من قولهم : ( حسب لباب ) إذا كان خالصا محضا ، ومن ذلك ( لب الطعام ولبابه ) وقيل : معناها : ( أنا مقيم على طاعتك وإجابتك ) ، مأخوذ من قولهم : ( لب الرجل بالمكان وألب ) إذا أقام فيه ، قال ابن الأنباري : وبهذا قال الخليل ، قال القاضي : قيل : هذه الإجابة لقوله تعالى لإبراهيم صلى الله عليه وسلم : وأذن في الناس بالحج وقال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي في معنى ( لبيك ) : أي قربا منك وطاعة ، والإلباب : القرب ، وقال أبو نصر : معناه : ( أنا ملب بين يديك ) أي : خاضع ، هذا آخر كلام القاضي .
قوله : ( لبيك إن الحمد والنعمة ) يروى بكسر الهمزة من ( إن ) وفتحها ، وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللغة ، قال الجمهور : الكسر أجود ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : الفتح رواية العامة ، وقال ثعلب : الاختيار الكسر وهو الأجود في المعنى من الفتح ؛ لأن من كسر جعل معناه : إن الحمد والنعمة لك على كل حال ، ومن فتح قال : معناه لبيك ؛ لهذا السبب .
قوله : ( والنعمة لك ) المشهور فيه نصب النعمة ، قال القاضي : ويجوز رفعها على الابتداء ، ويكون الخبر محذوفا ، قال ابن الأنباري : وإن شئت جعلت خبر ( إن ) محذوفا تقديره : إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك .
وقوله : ( وسعديك ) قال القاضي : إعرابها وتثنيتها كما سبق في لبيك ، ومعناه : مساعدة لطاعتك بعد مساعدة .
قوله : ( والخير بيديك ) أي : الخير كله بيد الله تعالى ومن فضله .
قوله : ( والرغباء إليك والعمل ) قال القاضي : قال المازري : يروى بفتح الراء والمد ، وبضم الراء مع القصر ، ونظيره العلا والعلياء ، والنعمى والنعماء ، قال القاضي : حكى أبو علي فيه أيضا الفتح مع [ ص: 265 ] القصر ، ( الرغبى ) مثل ( سكرى ) ومعناه هنا : الطلب والمسألة إلى من بيده الخير ، وهو المقصود بالعمل المستحق للعبادة .