قوله : ( وتعهن ) المذكورة في هذا الحديث هي عين ماء هناك على ثلاثة أميال من السقيا ، وهي بتاء مثناة فوق مكسورة ومفتوحة ثم عين مهملة ساكنة ثم هاء مكسورة ثم نون ، قال القاضي عياض : هي بكسر التاء وفتحها ، قال : وروايتنا عن الأكثرين بالكسر ، قال : وكذا قيدها البكري في معجمه ، قال القاضي : [ ص: 281 ] [ ص: 282 ] وبلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر الهروي أنه قال : سمعت العرب تقولها بضم التاء وفتح العين وكسر الهاء ، وهذا ضعيف .
وأما ( غيقة ) فهي بغين معجمة مفتوحة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم قاف مفتوحة ، وهي موضع من بلاد بني غفار ، بين مكة والمدينة ، قال القاضي : وقيل : هي بئر ماء لبني ثعلبة .
قوله : ( فمنا المحرم ومنا غير المحرم ) قد يقال : كيف كان أبو قتادة وغيره منهم غير محرمين ، وقد جاوزوا ميقات المدينة ، وقد تقرر أن من أراد حجا أو عمرة لا يجوز له مجاوزة الميقات غير محرم ؟ قال القاضي - في جواب هذا - : قيل إن المواقيت لم تكن وقتت بعد ، وقيل : لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا قتادة ورفقته لكشف عدو لهم بجهة الساحل ، كما ذكره مسلم في الرواية الأخرى ، وقيل : إنه لم يكن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ، بل بعثه أهل المدينة بعد ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ليعلمه أن بعض العرب يقصدون الإغارة على المدينة ، وقيل : إنه خرج معهم ولكنه لم ينو حجا ولا عمرة ، قال القاضي : وهذا بعيد . والله أعلم .
قوله : ( فسقط مني سوطي ، فقلت لأصحابي - وكانوا محرمين - : ناولوني السوط ، فقالوا : والله لا نعينك عليه بشيء ) وقال في الرواية الأخرى : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء ؟ قالوا : لا . قال : فكلوه ) هذا ظاهر في الدلالة على تحريم الإشارة والإعانة من المحرم في قتل الصيد ، وكذلك الدلالة عليه ، وكل سبب ، وفيه دليل للجمهور على أبي حنيفة في قوله : لا تحل الإعانة من المحرم إلا إذا لم يمكن اصطياده بدونها .
قوله : ( فقال بعضهم : كلوه وقال بعضهم : لا تأكلوه ) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هو حلال فكلوه ) فيه دليل على جواز الاجتهاد في مسائل الفروع والاختلاف فيها . والله أعلم .
[ ص: 283 ] قوله : ( إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا ) ، وفي الرواية الأخرى : ( يضحك بعضهم إلي ؛ إذ نظرت فإذا أنا بحمار وحش ) هكذا وقع في جميع نسخ بلادنا ( يضحك إلي ) بتشديد الياء ، قال القاضي : هذا خطأ وتصحيف ، ووقع في رواية بعض الرواة عن مسلم والصواب ( يضحك إلى بعض ) فأسقط لفظة ( بعض ) والصواب إثباتها كما هو مشهور في باقي الروايات ؛ لأنهم لو ضحكوا إليه لكانت إشارة منهم ، وقد قالوا : إنهم لم يشيروا إليه ، قلت : لا يمكن رد هذه الرواية ، فقد صحت هي والرواية الأخرى ، وليس في واحدة منهما دلالة ولا إشارة إلى الصيدة ، فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة . قال العلماء : وإنما ضحكوا تعجبا من عروض الصيد ، ولا قدرة لهم عليه لمنعهم منه . والله أعلم .
قوله : ( فإذا حمار وحش ) وكذا ذكر في أكثر الروايات ( حمار وحش ) ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12547أبي كامل الجحدري : ( إذ رأوا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فأكلوا من لحمها ) فهذه الرواية تبين أن الحمار في أكثر الروايات المراد به أنثى وهي الأتان ، وسميت حمارا مجازا .