باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم
1198 حدثنا هارون بن سعيد الأيلي nindex.php?page=showalam&ids=12279وأحمد بن عيسى قالا أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن nindex.php?page=showalam&ids=15562أبيه قال سمعت عبيد الله بن مقسم يقول سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد يقول سمعت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول nindex.php?page=hadith&LINKID=659076سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أربع كلهن فاسق يقتلن في الحل والحرم الحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور قال فقلت nindex.php?page=showalam&ids=14946للقاسم أفرأيت الحية قال تقتل بصغر لها
قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505582خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور والحديا ) . وفي رواية ( الحدأة ) . وفي رواية : ( العقرب ) بدل ( الحية ) ، وفي الرواية الأولى : ( أربع ) بحذف الحية والعقرب ، فالمنصوص عليه الست . واتفق جماهير العلماء على جواز قتلهن في الحل والحرم [ ص: 285 ] والإحرام ، واتفقوا على أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن ، ثم اختلفوا في المعنى فيهن ، وما يكون في معناهن ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المعنى في جواز قتلهن كونهن مما لا يؤكل ، وكل ما لا يؤكل ولا هو متولد من مأكول وغيره فقتله جائز للمحرم ، ولا فدية عليه ، وقال مالك : المعنى فيهن كونهن مؤذيات ، فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله ، وما لا فلا . واختلف العلماء في المراد بالكلب العقور فقيل : هو الكلب المعروف ، وقيل : كل ما يفترس ؛ لأن كل مفترس من السباع يسمى كلبا عقورا في اللغة . وأما تسمية هذه المذكورات فواسق فصحيحة جارية على وفق اللغة ، وأصل الفسق في كلام العرب : الخروج ، وسمي الرجل الفاسق لخروجه عن أمر الله تعالى وطاعته ، فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب ، وقيل : لخروجها عن حكم الحيوان في تحريم قتله في الحرم والإحرام ، وقيل : فيها لأقوال أخر ضعيفة لا نعتنيها . وأما ( الغراب الأبقع ) فهو الذي في ظهره وبطنه بياض ، وحكى الساجي عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أنه لا يجوز للمحرم قتل الفارة ، وحكي غيره عن علي ومجاهد أنه لا يقتل الغراب ، ولكن يرمى ، وليس بصحيح عن علي . واتفق العلماء على جواز قتل الكلب العقور للمحرم والحلال في الحل والحرم ، واختلفوا في المراد به ، فقيل : هذا الكلب المعروف خاصة ، حكاه القاضي عن الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، وألحقوا به الذئب ، وحمل زفر معنى الكلب على الذئب وحده ، وقال جمهور العلماء : ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذا الكلب المعروف ، بل المراد هو كل عاد مفترس غالبا كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وغيرهم ، وحكاه القاضي عياض عنهم وعن جمهور العلماء ومعنى ( العقور ) و ( العاقر ) : الجارح ، وأما [ ص: 286 ] ( الحدأة ) فمعروفة وهي بكسر الحاء مهموزة ، وجمعها ( حدأ ) بكسر الحاء مقصور مهموز كعنبة وعنب ، وفي الرواية الأخرى : ( الحديا ) بضم الحاء وفتح الدال وتشديد الياء مقصور ، قال القاضي : قال ثابت : الوجه فيه الهمز على معنى التذكير ، وإلا فحقيقته ( حدية ) ، وكذا قيده الأصيلي في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضع ، أو ( الحدية ) على التسهيل والإدغام .
وقوله في الحية ( تقتل بصغر لها ) هو بضم الصاد أي بمذلة وإهانة .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( خمس فواسق ) هو بتنوين خمس . وقوله : ( بقتل خمس فواسق ) بإضافة خمس لا بتنوينه .
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية زهير : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505583خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام ) اختلفوا في ضبط ( الحرم ) هنا فضبطه جماعة من المحققين بفتح الحاء والراء . أي الحرم المشهور ، وهو حرم مكة . والثاني بضم الحاء والراء ، ولم يذكر القاضي عياض في المشارق غيره ، قال : وهو جمع ( حرام ) كما قال الله تعالى : وأنتم حرم . قال : والمراد به المواضع المحرمة ، والفتح أظهر . والله أعلم .
وفي هذه الأحاديث دلالة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وموافقيه في أنه يجوز أن يقتل في الحرم كل من يجب عليه قتل بقصاص أو رجم بالزنا أو [ ص: 287 ] قتل في المحاربة وغير ذلك ، وأنه يجوز إقامة كل الحدود فيه ، سواء كان موجب القتل والحد جرى في الحرم أو خارجه ، ثم لجأ صاحبه إلى الحرم ، وهذا مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وآخرين ، وقال أبو حنيفة وطائفة : ما ارتكبه من ذلك في الحرم يقام عليه فيه ، وما فعله خارجه ثم لجأ إليه إن كان إتلاف نفس لم يقم عليه في الحرم ، بل يضيق يضيق عليه ولا يكلم ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج منه فيقام عليه [ ص: 288 ] خارجه ، وما كان دون النفس يقام فيه ، قال القاضي : وروي عن ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي والحكم نحوه لكنهم لم يفرقوا بين النفس ودونها ، وحجتهم ظاهر قول الله تعالى : ومن دخله كان آمنا وحجتنا عليهم هذه الأحاديث لمشاركة فاعل الجناية لهذه الدواب في اسم الفسق ، بل فسقه أفحش ، لكونه مكلفا ؛ ، ولأن التضييق الذي ذكروه لا يبقى لصاحبه أمان ، فقد خالفوا ظاهر ما فسروا به الآية ، قال القاضي : ومعنى الآية عندنا وعند أكثر المفسرين : أنه إخبار عما كان قبل الإسلام ، وعطفه على ما قبله من الآيات ، وقيل : آمن من النار ، وقالت طائفة : يخرج ويقام عليه الحد ، وهو قول ابن الزبير والحسن ومجاهد وحماد . والله أعلم .