في هذه الروايات دلالة بينة لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق وموافقيهم في أن المحرم إذا مات لا يجوز أن يلبس المخيط ، ولا تخمرر رأسه ، ولا يمس طيبا ، وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وغيرهم : يفعل به ما يفعل بالحي ، وهذا الحديث راد لقولهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( واغسلوه بماء وسدر ) دليل على استحباب السدر في غسل الميت ، وأن المحرم في ذلك كغيره ، وهذا مذهبنا ، وبه قال طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ومجاهد وابن المنذر وآخرون ، ومنعه مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وآخرون .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ) أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فجمع على تحريمه ، وأما وجهه فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : هو كرأسه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور : لا إحرام في وجهه ، بل له تغطيته ، وإنما يجب كشف الوجه في حق المرأة ، هذا حكم المحرم الحي ، وأما الميت فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقيه : أنه يحرم تغطية رأسه كما سبق ، ولا يحرم تغطية وجهه ، بل يبقى كما كان في الحياة ، ويتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها إنما هو صيانة للرأس ، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه ، ولا بد من تأويله ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبا حنيفة وموافقيهما يقولون : لا يمنع [ ص: 296 ] من ستر رأس الميت ووجهه ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وموافقوه يقولون : يباح ستر الوجه فتعين تأويل الحديث .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وكفنوه في ثوبيه ) وفي رواية ( ثوبين ) قال القاضي : أكثر الروايات ( ثوبيه ) .
وفيه فوائد منها : الدلالة لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقيه في أن حكم الإحرام باق فيه . ومنها : أن التكفين في الثياب الملبوسة جائز ، وهو مجمع عليه . ومنها : جواز التكفين في ثوبين ، والأفضل ثلاثة ، ومنها : أن الكفن مقدم على الدين وغيره ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل هل عليه دين مستغرق أم لا ؟ ومنها : أن التكفين واجب ، وهو إجماع في حق المسلم ، وكذلك غسله والصلاة عليه ودفنه .
قوله : ( فأقعصته ) أي قتلته في الحال ، ومنه : قعاص الغنم ، وهو موتها بداء يأخذها تموت فجأة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا وملبدا ويلبي ) معناه : على هيئته التي مات عليها ومعه [ ص: 297 ] [ ص: 298 ] علامة لحجه ، وهي دلالة الفضيلة كما يجيء الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشخب دما . وفيه دليل على استحباب دوام التلبية في الإحرام ، وعلى استحباب التلبيد ، وسبق بيان هذا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا تحنطوه ) هو بالحاء المهملة ، أي لا تمسوه حنوطا ، والحنوط بفتح الحاء ويقال له : الحناط بكسر الحاء ، وهو أخلاط من طيب تجمع للميت خاصة ، لا تستعمل في غيره .
قوله في رواية علي بن خشرم : ( أقبل رجل حراما ) هكذا هو في معظم النسخ ، وفي بعضها : ( حرام ) وهذا هو الوجه ، وللأول وجه ، ويكون حالا ، وقد جاءت الحال من النكرة على قلة .
قوله : ( حدثنا محمد بن الصباح حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر حدثنا سعيد بن جبير ) أبو بشر هذا هو الغبري ، واسمه : الوليد بن مسلم بن شهاب البصري ، وهو تابعي ، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=193جندب بن عبد الله الصحابي رضي الله عنه ، وانفرد مسلم بالرواية عن أبي بشر هذا ، واتفقوا على توثيقه .
[ ص: 299 ] قوله : ( حدثنا عبد بن حميد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ) قال القاضي : هذا الحديث مما استدركه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني على مسلم وقال : إنما سمعه منصور من الحكم ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن منصور عن الحكم عن سعيد وهو الصواب وقيل : عن منصور عن سلمة ، ولا يصح . والله أعلم .