قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505691ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ، ثم ليهل بالحج وليهد ، فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ) أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ) فمعناه يفعل الطواف والسعي والتقصير ، وقد صار حلالا ، وهذا دليل على أن التقصير أو الحلق نسك من مناسك الحج ، وهذا هو الصحيح في مذهبنا ، وبه قال جماهير العلماء ، وقيل : إنه استباحة محظور وليس بنسك ، وهذا ضعيف ، وسيأتي إيضاحه في [ ص: 361 ] موضعه إن شاء الله تعالى ، وإنما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتقصير ولم يأمر بالحلق مع أن الحلق أفضل ؛ ليبقى له شعر يحلقه في الحج ، فإن الحلق في تحلل الحج أفضل منه في تحلل العمرة . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وليحلل ) فمعناه وقد صار حلالا فله فعل ما كان محظورا عليه في الإحرام من الطيب واللباس والنساء والصيد وغير ذلك ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم ليهل بالحج ) فمعناه : يحرم به في وقت الخروج إلى عرفات لا أنه يهل به عقب تحلل العمرة ، ولهذا قال ( ثم ليهل ) فأتى بثم التي هي للتراخي والمهلة . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وليهد ) فالمراد به هدي التمتع فهو واجب بشروط اتفق أصحابنا على أربعة منها ، واختلفوا في ثلاثة . أحد الأربعة أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ، الثاني أن يحج من عامه ، الثالث أن يكون أفقيا لا من حاضري المسجد ، وحاضروه أهل الحرم ومن كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة . الرابع أن لا يعود إلى الميقات لإحرام الحج . وأما الثلاثة فأحدها نية التمتع ، والثاني كون الحج والعمرة في سنة في شهر واحد ، الثالث كونهما عن شخص واحد . والأصح أن هذه الثلاثة لا تشترط . والله أعلم .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن لم يجد هديا ) فالمراد لم يجده هناك إما لعدم الهدي ، وإما لعدم ثمنه ، وإما لكونه يباع بأكثر من ثمن المثل ، وإما لكونه موجودا لكنه لا يبيعه صاحبه ، ففي كل هذه الصور يكون عادما للهدي فينتقل إلى الصوم سواء كان واجدا لثمنه في بلده أم لا . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ) فهو موافق لنص كتاب الله تعالى ، ويجب صوم هذه الثلاثة قبل يوم النحر ، ويجوز صوم يوم عرفة منها ، لكن الأولى أن يصوم الثلاثة قبله ، والأفضل أن لا يصومها حتى يحرم بالحج بعد فراغه من العمرة ، فإن صامها بعد فراغه من العمرة وقبل الإحرام بالحج أجزأه على المذهب الصحيح عندنا ، وإن صامها بعد الإحرام بالعمرة وقبل فراغها لم يجزه على الصحيح ، فإن لم يصمها قبل يوم النحر وأراد صومها في أيام التشريق ففي صحته قولان مشهوران nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أشهرهما في المذهب أنه لا يجوز ، وأصحهما من حيث الدليل جوازه . هذا تفصيل مذهبنا . ووافقنا أصحاب مالك في أنه لا يجوز صوم الثلاثة قبل الفراغ من العمرة . وجوزه الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، ولو ترك صيامها حتى مضى العيد والتشريق لزمه قضاؤها عندنا . وقال أبو حنيفة : يفوت صومها ويلزمه الهدي إذا استطاعه . والله أعلم .
وأما صوم السبعة فيجب إذا رجع . وفي المراد بالرجوع خلاف . الصحيح في مذهبنا أنه إذا رجع إلى أهله ، وهذا هو الصواب ، لهذا الحديث الصحيح الصريح . والثاني إذا فرغ من الحج ورجع إلى مكة من منى ، وهذا القولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك . وبالثاني قال أبو حنيفة . ولو لم يصم الثلاثة ولا السبعة حتى عاد إلى وطنه لزمه صوم عشرة أيام . وفي اشتراط التفريق بين الثلاثة والسبعة إذا أراد صومها خلاف قيل : لا [ ص: 362 ] يجب . والصحيح أنه يجب التفريق الواقع في الأداء ، وهو بأربعة أيام ومسافة الطريق بين مكة ووطنه . والله أعلم .