[ ص: 304 ] فأما حديث عمرو فنتكلم في إسناده ومتنه ثم نعود إلى حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - .
أما إسناده ففيه ( محمد بن المثنى العنزي ) بفتح العين والنون ، و ( أبو معن الرقاشي ) بفتح الراء وتخفيف القاف اسمه زيد بن يزيد ، و ( nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم ) هو النبيل واسمه الضحاك بن مخلد ، و ( ابن شماسة المهري ) وشماسة بالشين المعجمة في أوله بفتحها وضمها ذكرهما صاحب المطالع والميم مخففة وآخره سين مهملة ثم هاء واسمه عبد الرحمن بن شماسة بن ذئب أبو عمرو ، وقيل : عبد الله و ( المهري ) بفتح الميم وإسكان الهاء وبالراء .
وأما ألفاظ متنه فقوله : ( في سياقة الموت ) هو بكسر السين أي حال حضور الموت .
قوله : ( أفضل ما نعد ) هو بضم النون .
قوله : ( كنت على أطباق ثلاث ) أي على أحوال . قال الله تعالى : لتركبن طبقا عن طبق فلهذا أنث ثلاثا إرادة لمعنى أطباق .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تشترط بماذا ) هكذا ضبطناه بما بإثبات الباء فيجوز أن تكون زائدة للتوكيد كما في نظائرها ، ويجوز أن تكون دخلت على معنى تشترط وهو تحتاط أي تحتاط بماذا .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( الإسلام يهدم ما كان قبله ) أي يسقطه ويمحو أثره .
قوله : ( وما كنت أطيق أن أملأ عيني ) هو بتشديد الياء من عيني على التثنية .
قوله : ( فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ) ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة ، وكذا قال القاضي : إنه بالمعجمة والمهملة . قال : وهو الصب ، وقيل : بالمهملة الصب في سهولة ، وبالمعجمة التفريق . وفي قوله ( فشنوا علي التراب ) استحباب صب التراب في القبر ، وأنه لا يقعد على القبر بخلاف ما يعمل في بعض البلاد .
وقوله : ( قدر ما ينحر جزور ) هي بفتح الجيم وهي من الإبل .
أما أحكامه ففيه عظم موقع الإسلام والهجرة والحج ، وأن كل واحد منها يهدم ما كان قبله من المعاصي ، وفيه استحباب تنبيه المحتضر على إحسان ظنه بالله سبحانه وتعالى ، وذكر آيات الرجاء وأحاديث العفو عنده ، وتبشيره بما أعده الله تعالى للمسلمين وذكر حسن أعماله عنده ليحسن ظنه بالله تعالى ويموت عليه . وهذا الأدب مستحب بالاتفاق . وموضع الدلالة له من هذا الحديث قول ابن عمرو لأبيه : أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا ؟ وفيه ما كانت الصحابة - رضي الله عنهم - عليه من توقير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجلاله .
وفي قوله : ( فلا تصحبني نائحة ولا نار ) امتثال لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .
[ ص: 305 ] وقد كره العلماء ذلك . فأما النياحة فحرام . وأما اتباع الميت بالنار فمكروه للحديث . ثم قيل : سبب الكراهة كونه من شعار الجاهلية . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13057ابن حبيب المالكي : كره تفاؤلا بالنار .
وفي قوله ( فشنوا علي التراب ) استحباب صب التراب في القبر ، وأنه لا يقعد على القبر بخلاف ما يعمل في بعض البلاد . وقوله : ( ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي ) فيه فوائد منها إثبات فتنة القبر وسؤال الملكين وهو مذهب أهل الحق ، ومنها استحباب المكث عند القبر بعد الدفن لحظة نحو ما ذكر لما ذكر . وفيه أن الميت يسمع حينئذ من حول القبر ، وقد يستدل به لجواز قسمة اللحم المشترك ونحوه من الأشياء الرطبة كالعنب . وفي هذا خلاف لأصحابنا معروف . قالوا : إن قلنا بأحد القولين أن القسمة تمييز حق ليست ببيع جاز ، وإن قلنا : بيع فوجهان أصحهما لا يجوز للجهل بتماثله في حال الكمال فيؤدي إلى الربا ، والثاني يجوز لتساويهما في الحال ، فإذا قلنا لا يجوز فطريقها أن يجعل اللحم وشبهه قسمين ثم يبيع أحدهما صاحبه نصيبه من أحد القسمين بدرهم مثلا ، ثم يبيع الآخر نصيبه من القسم الآخر لصاحبه بذلك الدرهم الذي له عليه فيحصل لكل واحد منهما قسم بكماله . ولها طرق غير هذا لا حاجة إلى الإطالة بها هنا . والله أعلم .