قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505754حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم ) وذكر الأحاديث في دعائه صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاث مرات ، وللمقصرين مرة بعد ذلك ، هذا كله تصريح بجواز الاقتصار على أحد الأمرين إن شاء اقتصر على الحلق ، وإن شاء على التقصير ، وتصريح بتفضيل الحلق ، وقد أجمع العلماء على أن الحلق أفضل من التقصير ، وعلى أن التقصير يجزي إلا ما حكاه ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه كان يقول : يلزمه الحلق في أول حجة ، ولا يجزئه التقصير ، وهذا إن صح عنه مردود بالنصوص وإجماع من قبله ، ومذهبنا المشهور أن الحلق أو التقصير نسك من مناسك الحج والعمرة ، وركن من أركانهما لا يحصل واحد منهما إلا به ، وبهذا قال العلماء كافة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قول شاذ ضعيف أنه استباحة محظور كالطيب واللباس ، وليس بنسك ، والصواب الأول ، وأقل ما يجزي من الحلق والتقصير عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ثلاث شعرات ، وعند أبي حنيفة ربع الرأس ، وعند أبي يوسف نصف الرأس ، وعند مالك وأحمد أكثر الرأس ، وعن مالك رواية أنه كل الرأس ، وأجمعوا أن الأفضل حلق جميعه أو تقصير جميعه ، ويستحب أن لا ينقص في التقصير عن قدر الأنملة من أطراف الشعر ، فإن قصر دونها جاز لحصول اسم التقصير ، والمشروع في حق النساء التقصير ، ويكره لهن الحلق ، فلو حلقن حصل النسك ، ويقوم مقام الحلق والتقصير النتف والإحراق والقص وغير ذلك من أنواع إزالة الشعر .
[ ص: 424 ] وذكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3505756حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم ارحم المحلقين ( ثلاثا ) قيل : يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم ؟ قال : لأنهم لم يشكوا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وكونه في الحديبية هو المحفوظ ، قال القاضي : قد ذكر مسلم في الباب خلاف ما قالوه ، وإن كانت أحاديثه جاءت مجملة غير مفسرة موطن ذلكلأنه ؛ لأنه ذكر من روايةابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع في حديث يحيى بن الحصين عن جدته أنها nindex.php?page=hadith&LINKID=3505757سمعت النبي صلى الله عليه وسلم دعا في حجة الوداع للمحلقين ( ثلاثا ) وللمقصرين ( مرة واحدة ) إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا لم يذكر حجة الوداع ، وقد ذكر مسلم قبل هذا في رمي جمرة العقبة يوم النحر حديث يحيى بن الحصين عن جدته هذه أم الحصين ، قالت : حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع . وقد جاء الأمر في حديثها مفسرا أنه في حجة الوداع ، فلا يبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله في الموضعين ، ووجه فضيلة الحلق على التقصير أنه أبلغ في العبادة ، وأدل على صدق النية في التذلل لله تعالى ، ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذي هو زينة ، والحاج مأمور بترك الزينة ، بل هو أشعث أغبر . والله أعلم . واتفق [ ص: 425 ] العلماء على أن الأفضل في الحلق والتقصير أن يكون بعد رمي جمرة العقبة وبعد ذبح الهدي إن كان معه ، وقبل طواف الإفاضة ، وسواء كان قارنا أو مفردا ، وقال ابن الجهم المالكي : لا يحلق القارن حتى يطوف ويسعى ، وهذا باطل مردود بالنصوص وإجماع من قبله ، وقد ثبتت الأحاديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق قبل طواف الإفاضة ، وقد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا في آخر أمره ، ولو لبد المحرم رأسه فالصحيح المشهور من مذهبنا أنه يستحب له حلقه في وقت الحلق ولا يلزمه ذلك ، وقال جمهور العلماء : يلزمه حلقه .
( فصل ) قدمنا في الفصول السابقة في مقدمة هذا الشرح أن إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم فاته من سماع هذا الكتاب من مسلم ثلاثة مواضع : أولها في كتاب الحج ، وهذا موضعه وقد سبق التنبيه على أوله وآخره هناك ، وأن إبراهيم يقول : من هنا عن مسلم ، ولا يقول : أخبرنا كما يقول في باقي الكتاب ، وأول هذا القول الجلودي : حدثنا إبراهيم عن مسلم حدثنا ابن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3505758رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله إلى آخره .