ذكر مسلم - رحمه الله - في الباب بأسانيده عن بلال - رضي الله عنه - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505783أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلى فيها بين العمودين ) وبإسناده عن أسامة رضي الله عنه ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505784أنه صلى الله عليه وسلم دعا في نواحيها ولم يصل ) وأجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلاللأنه ؛ لأنه مثبت ، فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه ، والمراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود ، ولهذا قال ابن عمر : ونسيت أن أسأله : كم صلى ؟ وأما نفي أسامة فسببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب ، واشتغلوا بالدعاء ، فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت ، والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى ، وبلال قريب منه ، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ، ولم يره أسامة لبعده واشتغاله ، وكانت صلاة خفيفة فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء ، وجاز له نفيها عملا بظنه ، وأما بلال فحققها فأخبر بها . والله أعلم .
واختلف العلماء في الصلاة في الكعبة إذا صلى متوجها إلى جدار منها أو إلى الباب وهو مردود ، فقال [ ص: 450 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأحمد والجمهور : تصح فيها صلاة النفل وصلاة الفرض ، وقال مالك : تصح فيها صلاة النفل المطلق ، ولا يصح الفرض ولا الوتر ولا ركعتا الفجر ولا ركعتا الطواف ، وقال محمد بن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12322وأصبغ المالكي وبعض أهل الظاهر : لا تصح فيها صلاة أبدا لا فريضة ولا نافلة ، وحكاه القاضي عن ابن عباس أيضا ، ودليل الجمهور حديث بلال وإذا صحت النافلة صحت الفريضة ؛ لأنهما في الموضع سواء في الاستقبال في حال النزول ، وإنما يختلفان في الاستقبال في حال السير في السفر . والله أعلم .
قوله : ( nindex.php?page=showalam&ids=5546وعثمان بن طلحة الحجبي ) هو بفتح الحاء والجيم منسوب إلى حجابة الكعبة ، وهي ولايتها وفتحها وإغلاقها وخدمتها ، ويقال له ولأقاربه : الحجبيون وهو nindex.php?page=showalam&ids=5546عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، ، واسم أبي طلحة : عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري ، أسلم مع خالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص في هدنة الحديبية ، وشهد فتح مكة ، ودفع النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه وأبي شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3505785خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم " ثم نزل المدينة فأقام بها إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم تحول إلى مكة فأقام بها حتى توفي سنة اثنتين وأربعين ، وقيل : إنه استشهد يوم ( أجنادين ) بفتح الدال وكسرها ، وهي موضع بقرب بيت المقدس كانت غزوته في أوائل خلافة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - . وثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3505786كل مأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت . ) . قال القاضي عياض : قال العلماء : لا يجوز لأحد أن ينزعها منهم ، قال : وهي ولاية لهم عليها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبقى دائمة لهم ولذرياتهم أبدا ، ولا ينازعون فيها ، ولا يشاركون ما داموا موجودين صالحين لذلك . والله أعلم .
قوله : ( دخل الكعبة فأغلقها عليه إنما أغلقها عليه صلى الله عليه وسلم ليكون أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه ، ولئلا يجتمع الناس ويدخلوا ويزدحموا فينالهم ضرر ويتهوش عليه الحال بسبب لغطهم . والله أعلم .