وأما باقي المساجد سوى الثلاثة فلا يجب قصدها بالنذر ، ولا ينعقد نذر قصدها ، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا محمد بن مسلمة المالكي فقال : إذا نذر قصد مسجد قباء لزمه قصده ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا ، وقال الليث بن سعد : يلزمه قصد ذلك المسجد أي مسجد كان . وعلى مذهب الجماهير لا ينعقد نذره ، ولا يلزمه شيء ، وقال أحمد : يلزمه كفارة يمين ، واختلف العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين ، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك ، فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا : هو حرام ، وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره ، والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره قالوا : والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة . والله أعلم .
[ ص: 469 ] قوله : ( فأعجبنني وآنقنني ) قال القاضي : معنى ( آنقنني ) أعجبنني ، وإنما كرر المعنى لاختلاف اللفظ ، والعرب تفعل ذلك كثيرا للبيان والتوكيد ، قال الله تعالى : أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة والصلاة من الله الرحمة ، وقال تعالى : فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا والطيب هو الحلال . ومنه قول الحطيئة :
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد