قلت : وبالأفصح جاء القرآن العزيز في الموضعين ، قال الله تعالى أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقال في المتعدي : وآويناهما إلى ربوة قال القاضي ولم يرو هذا الحرف إلا محدثا بكسر الدال ، ثم قال : وقال الإمام المازري ، روي بوجهين كسر الدال وفتحها ، قال : فمن فتح أراد الإحداث نفسه ، ومن [ ص: 496 ] كسر أراد فاعل الحدث ، وقوله : ( عليه لعنة الله إلى آخره ) هذا وعيد شديد لمن ارتكب هذا ، قال القاضي : واستدلوا بهذا على أن ذلك من الكبائر ؛ لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة ، ومعناه : أن الله تعالى يلعنه ، وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون ، وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى ، فإن اللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد ، قالوا : والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه ، والطرد عن الجنة أول الأمر ، وليست هي كلعنة الكفار الذين يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد . والله أعلم .
قوله : ( لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ) ، قال القاضي : قال المازري : اختلفوا في تفسيرهما ، فقيل : الصرف : الفريضة ، والعدل : النافلة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : الصرف : النافلة ، والعدل : الفريضة ، عكس قول الجمهور ، وقال الأصمعي : الصرف : التوبة ، والعدل : الفدية ، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال يونس : الصرف الاكتساب ، والعدل : الفدية ، وقال أبو عبيدة : العدل : الحيلة ، وقيل : العدل : المثل . وقيل : الصرف : الدية ، والعدل : الزيادة ، قال القاضي : وقيل : المعنى : لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا ، وإن قبلت قبول جزاء ، وقيل : يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما ، قال : وقد يكون معنى الفدية هنا : أنه لا يجد في القيامة فداء يفتدي به بخلاف غيره من المذنبين الذين يتفضل الله عز وجل على من يشاء منهم بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني ، كما ثبت في الصحيح .
قوله في آخر هذا الحديث : ( فقال ابن أنس : أو آوى محدثا ) كذا وقع في أكثر النسخ ( فقال ابن أنس ) ووقع في بعضها ( فقال أنس ) بحذف لفظة ( ابن ) . قال القاضي : ووقع عند عامة شيوخنا ( فقال ابن أنس ) بإثبات ( ابن ) قال : وهو الصحيح ، وكأن ابن أنس ذكر أباه هذه الزيادةلأن ؛ لأن سياق هذا الحديث من أوله إلى آخره من كلام أنس ، فلا وجه لاستدراك أنس بنفسه ، مع أن هذه اللفظة قد وقعت في أول الحديث في سياق كلام أنس في أكثر الروايات ، قال : وسقطت عند السمرقندي : قال : وسقوطها هناك يشبه أن يكون هو الصحيح ، ولهذا استدركت في آخر الحديث . هذا آخر كلام القاضي .