أما ألفاظ الباب فالشهيد قال النضر بن شميل : سمي بذلك لأنه حي لأن أرواحهم شهدت دار السلام وأرواح غيرهم لا تشهدها إلا يوم القيامة . وقال ابن الأنباري : لأن الله تعالى وملائكته عليهم [ ص: 324 ] السلام يشهدون له بالجنة . فمعنى شهيد مشهود له . وقيل : سمي شهيدا لأنه يشهد عند خروج روحه ما له من الثواب والكرامة وقيل : لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه وقيل : لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله . وقيل لأن عليه شاهدا يشهد بكونه شهيدا وهو دمه فإنه يبعث وجرحه يثعب دما . وحكى الأزهري وغيره قولا آخر أنه سمي شهيدا لكونه ممن يشهد يوم القيامة على الأمم ، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب . واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام أحدها المقتول في حرب بسبب من أسباب القتال فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه . والثاني شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا وهو المبطون ، والمطعون ، وصاحب الهدم ، ومن قتل دون ماله ، وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيدا فهذا يغسل ويصلى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء ، ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول . والثالث من غل في الغنيمة وشبهه من وردت الآثار بنفي تسميته شهيدا إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا فلا يغسل ، ولا يصلى عليه ، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة . والله أعلم .