هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه ، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة ، ولم يأذن ، ولم يترك . فلو خطب على خطبته ، وتزوج والحالة هذه عصى ، وصح النكاح ، ولم يفسخ . هذا مذهبنا [ ص: 543 ] ومذهب الجمهور . وقال داود : يفسخ النكاح . وعن مالك روايتان كالمذهبين . وقال جماعة من أصحاب مالك : يفسخ قبل الدخول لا بعده . أما إذا عرض له بالإجابة ولم يصرح ففي تحريم الخطبة على خطبته قولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : أصحهما لا يحرم . وقال بعض المالكية : لا يحرم حتى يرضوا بالزوج ويسمى المهر ، واستدلوا لما ذكرناه من أن التحريم إنما هو إذا حصلت الإجابة بحديث فاطمة بنت قيس فإنها قالت : خطبني أبو جهم ومعاوية ، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم خطبة بعضهم على بعض ، بل خطبها لأسامة . وقد يعترض على هذا الدليل فيقال : لعل الثاني لم يعلم بخطبة الأول ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فأشار بأسامة لا أنه خطب له ، واتفقوا على أنه إذا ترك الخطبة رغبة عنها ، وأذن فيها ، جازت الخطبة على خطبته ، وقد صرح بذلك في هذه الأحاديث .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( على خطبة أخيه ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره : ظاهره اختصاص التحريم بما إذا كان الخاطب مسلما ، فإن كان كافرا فلا تحريم ، وبه قال الأوزاعي . وقال جمهور العلماء : تحرم الخطبة على خطبة الكافر أيضا ، ولهم أن يجيبوا عن الحديث بأن التقييد بأخيه خرج على الغالب ، فلا يكون له مفهوم يعمل به كما في قوله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم من إملاق وقوله تعالى : [ ص: 544 ] وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ونظائره .
واعلم أن الصحيح الذي تقتضيه الأحاديث وعمومها أنه لا فرق بين الخاطب الفاسق وغيره . وقال ابن القاسم المالكي : تجوز الخطبة على خطبة الفاسق . و ( الخطبة ) في هذا كله بكسر الخاء ، وأما ( الخطبة ) في الجمعة والعيد والحج وغير ذلك وبين يدي عقد النكاح فبضمها .