أما فقه الحديث فقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( حرم الله عليه الجنة ) فيه التأويلان المتقدمان في نظائره أحدهما أنه محمول على المستحل ، والثاني حرم عليه دخولها مع الفائزين السابقين ومعنى التحريم هنا المنع . قال القاضي عياض - رحمه الله - : معناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم ، فإذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح [ ص: 326 ] فيما قلده إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم ، وأخذهم به ، وإما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو إهمال حدودهم ، أو تضييع حقوقهم ، أو ترك حماية حوزتهم ، ومجاهدة عدوهم ، أو ترك سيرة العدل فيهم ، فقد غشهم قال القاضي : وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة . والله أعلم .
وأما قول معقل - رضي الله عنه - nindex.php?page=showalam&ids=16521لعبيد الله بن زياد : ( لو علمت أن لي حياة ما حدثتك ) وفي الرواية الأخرى ( لولا أني في الموت لم أحدثك ) فقال القاضي عياض - رحمه الله - : إنما فعل هذا لأنه علم قبل هذا أنه ممن لا ينفعه الوعظ كما ظهر منه مع غيره ثم خاف معقل من كتمان الحديث ورأى تبليغه أو فعله لأنه خافه لو ذكره في حياته لما يهيج عليه هذا الحديث ويثبته في قلوب الناس من سوء حاله . هذا كلام القاضي . والاحتمال الثاني هو الظاهر ، والأول ضعيف ; فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقط باحتمال عدم قبوله . والله أعلم .
وأما ألفاظ الباب ففيه شيبان عن أبي الأشهب عن الحسن عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - . وهذا الإسناد كله بصريون و ( فروخ ) غير مصروف لكونه عجميا تقدم مرات . و ( nindex.php?page=showalam&ids=11825أبو الأشهب ) اسمه جعفر بن حيان بالمثناة العطاردي السعدي البصري .