قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506006الولد للفراش وللعاهر الحجر قال العلماء : العاهر الزاني وعهر : زنى وعهرت زنت والعهر : الزنا ، ومعنى الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد وعادة العرب أن تقول : له الحجر وبفيه الأثلب ، وهو التراب . ونحو ذلك يريدون ليس له إلا الخيبة وقيل : [ ص: 31 ] المراد بالحجر هنا أن يرجم بالحجارة وهذا ضعيف لأنه ليس كل زان يرجم وإنما يرجم المحصن خاصة ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد عنه ، والحديث إنما ورد في نفي الولد عنه .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506007الولد للفراش ، فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة ، سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا . ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما .
أما ما تصير به المرأة فراشا ، فإن كانت زوجة صارت فراشا بمجرد عقد النكاح ونقلوا في هذا الإجماع وشرطوا إمكان الوطء بعد ثبوت الفراش . فإن لم يمكن بأن نكح المغربي مشرقية ولم يفارق واحد منهما وطنه ثم أتت بولد لستة أشهر أو أكثر لم يلحقه لعدم إمكان كونه منه . هذا قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والعلماء كافة إلا أبا حنيفة فلم يشترط الإمكان بل اكتفى بمجرد العقد . قال : حتى لو طلق عقب العقد من غير إمكان وطء فولدت لستة أشهر من العقد لحقه الولد ، وهذا ضعيف ظاهر الفساد ولا حجة له في إطلاق الحديث ، لأنه خرج على الغالب وهو حصول الإمكان عند العقد ، هذا حكم الزوجة .
وأما الأمة فعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك تصير فراشا بالوطء ، ولا تصير فراشا بمجرد الملك حتى لو بقيت في ملكه سنين وأتت بأولاد ولم يطأها ولم يقر بوطئها لا يلحقه أحد منهم ، فإذا وطئها صارت فراشا ، فإذا أتت بعد الوطء بولد أو أولاد لمدة الإمكان لحقوه .
وقال أبو حنيفة : لا تصير فراشا إلا إذا ولدت ولدا واستلحقه ، فما تأتي به بعد ذلك يلحقه إلا أن ينفيه ، قال لو صارت فراشا بالوطء لصارت بعقد الملك كالزوجة . قال أصحابنا : الفرق أن الزوجة تراد للوطء خاصة فجعل الشرع العقد عليها كالوطء لما كان هو المقصود ، وأما الأمة تراد لملك الرقبة وأنواع من المنافع غير الوطء ولهذا يجوز أن يملك أختين وأما وبنتها ولا يجوز جمعهما بعقد النكاح فلم تصر بنفس العقد فراشا فإذا حصل الوطء صارت كالحرة وصارت فراشا .
واعلم أن حديث عبد بن زمعة المذكور هنا محمول على أنه ثبت مصير أمة أبيه زمعة [ ص: 32 ] فراشا لزمعة فلهذا ألحق النبي صلى الله عليه وسلم به الولد . وثبوت فراشه إما ببينة على إقراره بذلك في حياته وإما بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . وفي هذا دلالة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك على أبي حنيفة فإنه لم يكن لزمعة ولد آخر من هذه الأمة قبل هذا ودل على أنه ليس بشرط خلاف ما قاله أبو حنيفة .
وفي هذا الحديث دلالة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وموافقيه على مالك وموافقيه في استلحاق النسب لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : يجوز أن يستلحق الوارث نسبا بشرط أن يكون حائزا للإرث أو يستلحقه كل الورثة ، وبشرط أن يمكن كون المستلحق ولدا للميت ، وبشرط أن لا يكون معروف النسب من غيره ، وبشرط أن يصدقه المستلحق إن كان عاقلا بالغا . وهذه الشروط كلها موجودة في هذا الولد الذي ألحقه النبي صلى الله عليه وسلم بزمعة حين استلحقه عبد بن زمعة .
ويتأول أصحابنا هذا تأويلين : أحدهما أن nindex.php?page=showalam&ids=93سودة بنت زمعة استلحقته معه ووافقته في ذلك حتى تكون كل الورثة مستلحـقين ، والتأويل الثاني أن زمعة مات كافرا فلم ترثه سودة لكونها مسلمة وورثه عبد بن زمعة .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506008واحتجبي منه يا سودة ) فأمرها به ندبا واحتياطا ، لأنه في ظاهر الشرع أخوها لأنه ألحق بأبيها ، لكن لما رأى الشبه البين بعتبة بن أبي وقاص خشي أن يكون من مائه فيكون أجنبيا منها فأمرها بالاحتجاب منه احتياطا .
للزنا فمن اعترفت الأم بأنه له ألحقوه به فجاء الإسلام بإبطال ذلك وبإلحاق الولد بالفراش الشرعي ، فلما تخاصم عبد بن زمعة nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص وقام سعد بما عهد إليه أخوه عتبة من سيرة الجاهلية ولم يعلم سعد بطلان ذلك في الإسلام ولم يكن حصل إلحاقه في الجاهلية ، إما لعدم الدعوى ، وإما لكون الأم لم تعترف به لعتبة ، واحتج عبد بن زمعة بأنه ولد على فراش أبيه فحكم له به النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( رأى شبها بينا بعتبة ثم قال صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506010الولد للفراش ) دليل على أن الشبه وحكم القافة إنما يعتمد إذا لم يكن هناك أقوى منه كالفراش كما لم يحكم صلى الله عليه وسلم بالشبه في قصة المتلاعنين مع أنه جاء على الشبه المكروه . واحتج بعض الحنفية وموافقيهم بهذا الحديث ، على أن الوطء بالزنا له حكم الوطء بالنكاح في حرمة المصاهرة ، وبهذا قال أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأحمد وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وغيرهم لا أثر لوطء الزنا ، بل للزاني أن يتزوج أم المزني بها وابنتها ، بل زاد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فجوز نكاح البنت المتولدة من مائه بالزنا . قالوا ووجه الاحتجاج به أن سودة أمرت بالاحتجاب . وهذا احتجاج باطل والعجب ممن ذكره ، لأن هذا على تقدير كونه من الزنا وهو أجنبي من سودة لا يحل لها الظهور له سواء ألحق بالزاني أم لا ، فلا تعلق له بالمسألة المذكورة .
وفي هذا الحديث أن حكم الحاكم لا يحيل الأمر في الباطن ، فإذا حكم بشهادة شاهدي زور أو نحو ذلك ، لم يحل المحكوم به للمحكوم له . وموضع الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم حكم به [ ص: 33 ] لعبد بن زمعة وأنه أخ له nindex.php?page=showalam&ids=93ولسودة ، واحتمل بسبب الشبه أن يكون من عتبة فلو كان الحكم يحيل الباطن لما أمرها بالاحتجاب ، والله أعلم .