وفي رواية ( لا يسم على سوم أخيه ) أما البيع [ ص: 123 ] على بيع أخيه فمثاله أن يقول لمن اشترى شيئا في مدة الخيار : افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أجود منه بثمنه . ونحو ذلك ، وهذا حرام .
يحرم أيضا الشراء على شراء أخيه وهو أن يقول للبائع في مدة الخيار : افسخ هذا البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن ونحو هذا .
أما السوم على سوم أخيه فهو أن يكون قد اتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع ولم يعقداه ، فيقول الآخر للبائع : أنا أشتريه وهذا حرام بعد استقرار الثمن .
وأما الخطبة على خطبة أخيه وسؤال المرأة طلاق أختها فسبق بيانهما واضحا في كتاب النكاح وسبق هنالك أن الرواية ( لا يبيع ولا يخطب ) بالرفع على سبيل الخبر الذي يراد به النهي ، وذكرنا أنه أبلغ ، وأجمع العلماء على منع البيع على بيع أخيه والشراء على شرائه والسوم على سومه فلو خالف وعقد فهو عاص . وينعقد البيع هذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وآخرين ، وقال داود : لا ينعقد . وعن مالك روايتان كالمذهبين وجمهورهم على إباحة البيع والشراء فيمن يزيد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وكرهه بعض السلف .
وأما النجش فبنون مفتوحة ثم جيم ساكنة ثم شين معجمة وهو أن يزيد في ثمن السلعة لا لرغبة فيها بل ليخدع غيره ويغره ليزيد ويشتريها وهذا حرام بالإجماع ، والبيع صحيح والإثم مختص بالناجش إن لم يعلم به البائع فإن واطأه على ذلك أثما جميعا ، ولا خيار للمشتري إن لم يكن من البائع مواطأة ، وكذا إن كانت - في الأصح - لأنه قصر في الاغترار ، وعن مالك رواية أن البيع باطل ، وجعل النهي عنه مقتضيا للفساد .
وأصل النجش الاستثارة ، ومنه نجشت الصيد أنجشه بضم الجيم نجشا إذا استثرته ، سمي الناجش في السلعة ناجشا لأنه يثير الرغبة فيها ويرفع ثمنها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : أصل النجش الختل وهو الخداع ومنه قيل للصائد : ناجش لأنه يختل الصيد ويختال له وكل من استثار فهو ناجش . وقال الهروي : قال أبو بكر : النجش المدح والإطراء وعلى هذا معنى الحديث لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد بلا رغبة ، والصحيح الأول .
قوله ( حدثنا شعبة عن العلاء وسهيل عن أبيهما عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) هكذا هو في جميع النسخ ( عن أبيهما ) وهو مشكل ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء هو ابن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=16068وسهيل هو ابن أبي صالح وليس بأخ له ، فلا يقال : عن أبيهما بكسر الباء بل كان حقه أن يقول : ( عن أبويهما ) وينبغي أن يعتبر الموجود في النسخ ( عن أبيهما ) بفتح الباء الموحدة ، ويكون تثنية أب على لغة من قال : هذان أبان ورأيت أبين فثناه بالألف والنون وبالياء والنون وقد سبق مثله في كتاب النكاح وأوضحناه هناك . قال القاضي : الرواية فيه عند جميع شيوخنا بكسر الباء . قال : وليس هو بصواب لأنهما [ ص: 124 ] ليسا أخوين . قال : ووقع في بعض الروايات ( عن أبويهما ) وهو الصواب . قال : وقال بعضهم في الأول : لعله عن أبيهما بفتح الباء .
قوله : ( وفي رواية الدورقي : على سيمة أخيه ) هو بكسر السين وإسكان الياء وهي لغة في السوم ذكرها الجوهري وغيره من أهل اللغة ، قال الجوهري : ويقال : إنه لغالي السيمة .
قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506080ولا تصروا الإبل هو بضم التاء وفتح الصاد ونصب الإبل من التصرية وهي الجمع ، يقال : صرى يصري تصرية وصراها يصريها تصرية فهي مصراة كغشاها يغشيها تغشية فهي مغشاة وزكاها يزكيها تزكية فهي مزكاة ، قال القاضي : ورويناه في غير صحيح مسلم عن بعضهم ( لا تصروا ) بفتح التاء وضم الصاد من الصر ، قال : وعن بعضهم : لا تصر الإبل بضم التاء من تصرى بغير واو بعد الراء وبرفع الإبل على ما لم يسم فاعله من الصر أيضا وهو ربط أخلافها . والأول هو الصواب المشهور ومعناه لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة ، ومنه قول العرب : صريت الماء في الحوض أي جمعته وصرى الماء في ظهره أي حبسه فلم يتزوج . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : اختلف العلماء وأهل اللغة في تفسير ( المصراة ) وفي اشتقاقها ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : التصرية أن يربط أخلاف الناقة أو الشاة ويترك حلبها اليومين والثلاثة حتى يجمع لبنها ، فيزيد مشتريها في ثمنها بسبب ذلك لظنه أنه عادة لها . وقال أبو عبيد : هو من صرى اللبن في ضرعها أي حقنه فيه وأصل التصرية حبس الماء . قال أبو عبيد : ولو كانت من الربط لكانت مصرورة أو مصررة . قال [ ص: 125 ] nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وقول أبي عبيد حسن ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي صحيح . قال : والعرب تصر ضروع المحلوبات . واستدل لصحة قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بقول العرب : لا يحسن الكر . إنما يحسن الحلب والصر . وبقول مالك بن نويرة :
فقلت لقومي : هذه صدقاتكم مصررة أخلافها لم تجرد
قال : ويحتمل أن أصل المصراة مصرورة وأبدلت إحدى الراءين ألفا ، كقوله تعالى : خاب من دساها أي دسسها كرهوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنس .
واعلم أن التصرية حرام سواء تصرية الناقة والبقرة والشاة والجارية والفرس والأتان وغيرها لأنه غش وخداع ، وبيعها صحيح مع أنه حرام وللمشتري الخيار في إمساكها وردها . وسنوضحه في الباب الآتي إن شاء الله تعالى .