واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه ، فقال إمام الحرمين من أصحابنا : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقتلها كلها ، ثم نسخ ذلك ، ونهي عن قتلها إلا الأسود البهيم ، ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب التي لا ضرر فيها سواء الأسود وغيره ، ويستدل لما ذكره بحديث ابن المغفل . وقال القاضي عياض : ذهب كثير من العلماء إلى الأخذ بالحديث في قتل الكلاب إلا ما استثنى من كلب الصيد وغيره . قال : وهذا مذهب مالك وأصحابه . قال : واختلف القائلون بهذا هل كلب الصيد ونحوه منسوخ من العموم الأول في الحكم بقتل الكلاب وأن القتل كان عاما في الجميع أم كان مخصوصا بما سوى ذلك ؟ قال : وذهب آخرون إلى جواز اتخاذ جميعها ، ونسخ الأمر بقتلها ، والنهي عن اقتنائها إلا الأسود البهيم . قال القاضي : وعندي أن النهي أولا كان نهيا عاما عن اقتناء جميعها ، وأمر بقتل جميعها ، ثم نهى عن قتلها ما سوى الأسود ، ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية . وهذا الذي قاله القاضي هو ظاهر الأحاديث ، ويكون حديث ابن المغفل مخصوصا بما سوى الأسود لأنه عام فيخص منه الأسود بالحديث الآخر .
أحدهما لا يجوز لظواهر الأحاديث فإنها مصرحة بالنهي إلا لزرع أو صيد أو ماشية ، وأصحها يجوز قياسا على الثلاثة عملا بالعلة المفهومة من الأحاديث وهي الحاجة .