قوله : ( افتلتت ) بالفاء وضم التاء أي : ماتت بغتة وفجأة ، والفلتة والافتلات ما كان بغتة ، وقوله : ( نفسها ) برفع السين ونصبها هكذا ضبطوه وهما صحيحان الرفع على ما لم يسم فاعله ، والنصب على المفعول الثاني . وأما قوله : ( أظنها لو تكلمت تصدقت ) معناه : لما علمه من حرصها على الخير ، أو لما علمه من رغبتها في الوصية .
وفي هذا الحديث جواز الصدقة عن [ ص: 253 ] الميت واستحبابها ، وأن ثوابها يصله وينفعه ، وينفع المتصدق أيضا ، وهذا كله أجمع عليه المسلمون ، وسبقت المسألة في أول هذا الشرح ، في شرح مقدمة صحيح مسلم .
وهذه الأحاديث مخصصة لعموم قوله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأجمع المسلمون على أنه لا يجب على الوارث التصدق عن ميته صدقة التطوع ، بل هي مستحبة . وأما الحقوق المالية الثابتة على الميت فإن كان له تركة وجب قضاؤها منها ، سواء أوصى بها الميت أم لا ، ويكون ذلك من رأس المال ، سواء ديون الله تعالى كالزكاة والحج والنذر والكفارة وبدل الصوم ونحو ذلك ، ودين الآدمي ، فإن لم يكن للميت تركة لم يلزم الوارث قضاء دينه ، لكن يستحب له ولغيره قضاؤه .