قال القاضي : أجمع المسلمون على أن قوله إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلا ، قال : ولو جاز منفصلا - كما روي عن بعض السلف - لم يحنث أحد قط في يمين ، ولم يحتج إلى كفارة ، قال : واختلفوا في الاتصال فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور : هو أن يكون قوله إن شاء الله ، متصلا باليمين من غير سكوت بينهما ولا تضر سكتة النفس ، وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه ، وقال قتادة : ما لم يقم أو يتكلم ، وقال عطاء : قدر حلبة ناقة ، وقال سعيد بن جبير : بعد أربعة أشهر ، وعن ابن عباس : له الاستثناء أبدا متى تذكره ، وتأول بعضهم هذا المنقول عن هؤلاء على أن مرادهم أنه يستحب له قول إن شاء الله تبركا ، قال تعالى : واذكر ربك إذا نسيت ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث .
أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله تعالى ، أو لزيد في ذمتي ألف درهم إن شاء الله ، أو إن شفي مريضي فلله علي صوم شهر إن شاء الله أو ما أشبه ذلك ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم صحة الاستثناء في جميع الأشياء ، كما أجمعوا عليها في اليمين بالله تعالى ، فلا يحنث في طلاق ولا عتق ، ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ، ولا إقراره ولا غير ذلك ، مما يتصل به قوله إن شاء الله ، وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : لا يصح الاستثناء في شيء من ذلك إلا اليمين بالله تعالى .
[ ص: 282 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولو قال : إن شاء الله لم يحنث ) فيه إشارة إلى أن الاستثناء يكون بالقول ، ولا تكفي فيه النية ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكي عن بعض المالكية أن قياس قول مالك صحة الاستثناء بالنية من غير لفظ .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ) قد يحتج به من يقول بجواز انفصال الاستثناء . وأجاب الجمهور عنه بأنه يحتمل أن يكون صاحبه قال له ذلك وهو بعد في أثناء اليمين ، أو أن الذي جرى منه ليس بيمين ، فإنه ليس في الحديث تصريح بيمين . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لأطوفن ) وفي بعض النسخ ( لأطيفن الليلة ) هما لغتان فصيحتان طاف بالشيء وأطاف به : إذا دار حوله ، وتكرر عليه ، فهو طائف ومطيف ، وهو هنا كناية عن الجماع .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( كان لسليمان ستون امرأة ) وفي رواية : ( سبعون ) وفي رواية : ( تسعون ) وفي غير صحيح مسلم ( تسع وتسعون ) وفي رواية ( مائة ) . هذا كله ليس بمتعارض لأنه ليس في ذكر القليل نفي الكثير ، وقد سبق بيان هذا مرات ، وهو من مفهوم العدد ، ولا يعمل به عند جماهير الأصوليين ، وفي هذا بيان ما خص به الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم من القوة على إطاقة هذا في ليلة واحدة ، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يطوف على إحدى عشرة امرأة له في الساعة الواحدة ، كما ثبت في الصحيح ، وهذا كله من زيادة القوة ، والله أعلم .
قوله : ( فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله ) هذا قاله على سبيل التمني للخير ، وقصد به الآخرة والجهاد في سبيل الله تعالى لا لغرض الدنيا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان ) وفي رواية : ( جاءت بشق غلام ) قيل هو الجسد الذي ذكره الله تعالى أنه ألقي على كرسيه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله [ ص: 283 ] تعالى ) هذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بذلك في حق سليمان ، لا أن كل من فعل هذا يحصل له هذا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فقال له صاحبه أو الملك قل : إن شاء الله فلم يقل ونسي ) قيل : المراد بصاحبه الملك ، وهو الظاهر من لفظه ، وقيل : القرين ، وقيل : صاحب له آدمي . وقوله : ( نسي ) ضبطه بعض الأئمة بضم النون وتشديد السين وهو ظاهر حسن . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وكان دركا له في حاجته ) هو بفتح الراء اسم من الإدراك ، أي : لحاقا ، قال الله تعالى : لا تخاف دركا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وايم الذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله ) فيه جواز اليمين بهذا اللفظ وهو ( ايم الله وايمن الله ) واختلف العلماء في ذلك ، فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : هو يمين ، وقال أصحابنا : إن نوى به اليمين فهو يمين ، وإلا فلا .