ومنها : جواز إطلاق الفتوى ويكون المراد تعليقها بثبوت ما يقوله المستفتي ، ولا يحتاج المفتي أن يقول : إن ثبت كان الحكم كذا وكذا ، بل يجوز له الإطلاق كما أطلق النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن قال ذلك فلا بأس .
قال أصحابنا : إذا امتنع الأب من الإنفاق على الولد الصغير أو كان غائبا أذن القاضي لأمه في الأخذ من آل الأب أو الاستقراض عليه والإنفاق على الصغير بشرط أهليتها . وهل لها الاستقلال بالأخذ من ماله بغير إذن القاضي ؟ فيه وجهان له مبنيان على وجهين لأصحابنا في أن إذن النبي صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان كان إفتاء أم قضاء ؟ والأصح أنه كان إفتاء ، وأن هذا يجري في كل امرأة أشبهتها ، فيجوز ، والثاني : كان قضاء فلا يجوز لغيرها إلا بإذن القاضي . والله أعلم .
ومنها : جواز خروج المزوجة من بيتها لحاجتها إذا أذن لها زوجها في ذلك أو علمت رضاه به ، واستدل به جماعات من أصحابنا وغيرهم على جواز القضاء على الغائب ، وفي المسألة خلاف للعلماء ; قال أبو حنيفة وسائر الكوفيين : لا يقضى عليه بشيء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور : يقضي عليه في حقوق الآدميين ، ولا يقضى في حدود الله تعالى ، ولا يصح الاستدلال بهذا الحديث للمسألة لأن هذه القضية كانت بمكة ، وكان أبو سفيان حاضرا بها ، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد أو مستترا لا يقدر عليه أو متعذرا ، ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودا ، فلا يكون قضاء على الغائب ، بل هو إفتاء كما سبق . والله أعلم .