قوله : ( فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرا ) هكذا هو في أكثر النسخ ( اثنا عشر ) وفي بعضها ( اثني عشر ) وهذا ظاهر ، والأول أصح على لغة من يجعل المثنى بالألف ، سواء كان مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا ، وهي لغة أربع قبائل من العرب ، وقد كثرت في كلام العرب ، ومنها قوله تعالى : إن هذان لساحران .
[ ص: 412 ] قوله : ( فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا ) وفي رواية : ( ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا ) فيه إثبات النفل ، وهو مجمع عليه .
واختلفوا في محل النفل هل هو من أصل الغنيمة أو من أربعة أخماسها أو من خمس الخمس ؟ وهي ثلاثة أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، وبكل منها قال جماعة من العلماء ، والأصح عندنا : أنه من خمس الخمس ، وبه قال ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة - رضي الله عنهم - وآخرون ، وممن قال : إنه من أصل الغنيمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وآخرون ، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أن تنفل السرية جميع ما غنمت دون باقي الجيش ، وهو خلاف ما قاله العلماء كافة ، قال أصحابنا : ولو نفلهم الإمام من أموال بيت المال العتيد دون الغنيمة جاز ، والتنفيل إنما يكون لمن صنع جميلا في الحرب انفرد به . وأما قول ابن عمر - رضي الله عنه - : ( نفلوا بعيرا بعيرا ) معناه : أن الذين استحقوا النفل نفلوا بعيرا إلا أن كل واحد من السرية نفل ، قال أهل اللغة والفقهاء : الأنفال هي العطايا من الغنيمة غير السهم المستحق بالقسمة ، واحدها ( نفل ) بفتح الفاء على المشهور ، وحكي إسكانها .
وأما قوله : ( فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرا ) فمعناه : سهم كل واحد منهم ، وقد قيل : معناه : سهمان جميع الغانمين اثنا عشر ، وهذا غلط ، فقد جاء في بعض روايات أبي داود وغيره : أن الاثني عشر بعيرا كانت سهمان كل واحد من الجيش والسرية ، ونفل السرية سوى هذا بعيرا بعيرا .
قوله : ( ونفلوا بعيرا بعيرا ) وفي رواية : ( نفلوا بعيرا فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية : [ ص: 413 ] ( ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا ) والجمع بين هذه الروايات أن أمير السرية نفلهم فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجوز نسبته إلى كل واحد منهما . وفي هذا الحديث استحباب بعث السرايا ، وما غنمت تشترك فيه هي والجيش إن انفردت عن الجيش في بعض الطريق ، وأما إذا خرجت من البلد ، وأقام الجيش في البلد ، فتختص هي بالغنيمة ولا يشاركها الجيش .
وفيه إثبات التنفيل للترغيب في تحصيل مصالح القتال ، ثم الجمهور على أن التنفيل يكون في كل غنيمة ، سواء الأولى وغيرها ، وسواء غنيمة الذهب والفضة وغيرهما ، وقال الأوزاعي وجماعة من الشاميين : لا ينفل في أول غنيمة ولا ينفل ذهبا ولا فضة .