وأما اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - في المبادرة بالصلاة عند ضيق وقتها ، وتأخيرها ، فسببه أن أدلة الشرع تعارضت عندهم بأن الصلاة مأمور بها في الوقت ، مع أن المفهوم من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506539لا يصلين أحد الظهر أو العصر إلا في بني قريظة ) المبادرة بالذهاب إليهم ، وألا يشتغل عنه بشيء لا أن تأخير الصلاة مقصود في نفسه من حيث إنه تأخير ، فأخذ بعض الصحابة بهذا المفهوم نظرا إلى المعنى لا إلى اللفظ ، فصلوا حين خافوا فوت الوقت ، وأخذ آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته فأخروها ، ولم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين ، لأنهم مجتهدون ، ففيه : دلالة لمن يقول بالمفهوم والقياس ، ومراعاة المعنى ، ولمن يقول بالظاهر أيضا .
وفيه أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده إذا بذل وسعه في الاجتهاد ، وقد يستدل به على أن كل مجتهد مصيب ، وللقائل الآخر أن يقول لم يصرح بإصابة الطائفتين ، بل ترك تعنيفهم ، ولا خلاف في ترك تعنيف المجتهد وإن أخطأ إذا بذل وسعه في الاجتهاد . والله أعلم .