قوله : ( حدثنا عبد العزيز بن سياه ) هو بسين مهملة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت مخففة ثم ألف ، ثم هاء في الوقف والدرج على وزني مياه وشياه .
قوله : ( قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال : يا أيها الناس اتهموا أنفسكم إلى آخره ) أراد بهذا تصبير الناس على الصلح ، وإعلامهم بما يرجى بعده من الخير ، فإنه يرجى مصيره إلى خير ، وإن كان ظاهره في الابتداء مما تكرهه النفوس ، كما كان شأن صلح الحديبية ، وإنما قال سهل هذا القول حين ظهر من أصحاب علي - رضي الله عنه - كراهة التحكيم ، فأعلمهم بما جرى يوم الحديبية من كراهة أكثر الناس الصلح ، وأقوالهم في كراهته ، ومع هذا فأعقب خيرا عظيما ، فقررهم النبي صلى الله عليه وسلم على الصلح مع أن إرادتهم كانت مناجزة كفار مكة بالقتال ، ولهذا قال عمر - رضي الله عنه - : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ والله أعلم .
( ففيم نعطي الدنية في ديننا ) هي بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء ، أي : النقيصة ، والحالة الناقصة ، قال العلماء : لم يكن سؤال عمر - رضي الله عنه - وكلامه المذكور شكا ; بل طلبا لكشف ما خفي عليه ، وحثا على إذلال الكفار وظهور الإسلام كما عرف من خلقه - رضي الله عنه - وقوته في نصرة الدين وإذلال المبطلين .
وأما جواب أبي بكر - رضي الله عنه - لعمر بمثل جواب النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الدلائل الظاهرة على عظيم فضله ، وبارع علمه ، وزيادة عرفانه ورسوخه في كل ذلك ، وزيادته فيه كله على غيره رضي الله عنه .
[ ص: 476 ] قوله : ( فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال : يا رسول الله أوفتح هو ؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ورجع ) المراد أنه نزل قوله تعالى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا وكان الفتح هو صلح يوم الحديبية ، فقال عمر : أوفتح هو ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم . لما فيه من الفوائد التي قدمنا ذكرها .