وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة [ ص: 543 ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومعنى هذا الحديث : إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها ، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ، ويحرم عليه طلبها ، وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أو جاهلين ، وسواء كانا في بلدين أو بلد ، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره ، هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا وجماهير العلماء ، وقيل : تكون لمن عقدت له في بلد الإمام ، وقيل : يقرع بينهم ، وهذان فاسدان ، واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد سواء اتسعت دار الإسلام أم لا ، وقال إمام الحرمين في كتابه الإرشاد : قال أصحابنا : لا يجوز عقدها لشخصين ، قال : وعندي أنه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد ، وهذا مجمع عليه . قال : فإن بعد ما بين الإمامين وتخللت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال ، قال : وهو خارج من القواطع ، وحكى المازري هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصل ، وأراد به إمام الحرمين ، وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف ، ولظواهر إطلاق الأحاديث . والله أعلم .