قوله : ( وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر ) قال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي : الفضيخ أن يفضخ البسر ويصب عليه الماء ويتركه حتى يغلي ، وقال أبو عبيد هو ما فضخ من البسر من غير أن تمسه نار ، فإن كان معه تمر فهو خليط .
وفي هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تصريح بتحريم جميع الأنبذة المسكرة ، وأنها كلها تسمى خمرا ، وسواء في ذلك الفضيخ ، ونبيذ التمر ، والرطب ، والبسر ، والزبيب ، والشعير ، والذرة ، والعسل وغيرها ، وكلها محرمة ، وتسمى خمرا ، هذا مذهبنا وبه قال مالك ، وأحمد والجماهير من السلف والخلف ، وقال قوم من أهل البصرة : إنما يحرم عصير العنب ، ونقيع الزبيب النيء ، فأما المطبوخ منهما ، والنيء والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يشرب ويسكر ، وقال أبو حنيفة : إنما يحرم عصير ثمرات النخل والعنب ، قال : فسلافة العنب يحرم قليلها وكثيرها إلا أن [ ص: 130 ] يطبخ حتى ينقص ثلثاها .
وأما نقيع التمر والزبيب فقال : تحل مطبوخهما وإن مسته النار شيئا قليلا من غير اعتبار لحد كما اعتبر في سلافة العنب ، قال : والنيء منه حرام ، قال : ولكنه لا يحد شاربه ، هذا كله ما لم يشرب ويسكر ، فإن أسكر فهو حرام بإجماع المسلمين ، واحتج الجمهور بالقرآن والسنة ، أما القرآن فهو أن الله تعالى نبه على أن علة تحريم الخمر كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهذه العلة موجودة في جميع المسكرات ، فوجب طرد الحكم في الجميع ، فإن قيل : إنما يحصل هذا المعنى في الإسكار ، وذلك مجمع على تحريمه ، قلنا : قد أجمعوا على تحريم عصير العنب وإن لم يسكر ، وقد علل الله سبحانه تحريمه كما سبق ، فإذا كان ما سواه في معناه وجب طرد الحكم في الجميع ، ويكون التحريم للجنس المسكر ، وعلل بما يحصل من الجنس في العادة ، قال المازني : هذا الاستدلال آكد من كل ما يستدل به في هذه المسألة ، قال : ولنا في الاستدلال طريق آخر ، وهو أن يقول : إذا شرب سلافة العنب عند اعتصارها وهي حلوة لم تسكر فهي حلال بالإجماع ، وإن اشتدت وأسكرت حرمت بالإجماع ، فإن تخللت من غير تخليل آدمي حلت ، فنظرنا إلى مستبدل هذه الأحكام وتجددها عند تجدد الصفات وتبدلها ، فأشعرنا ذلك بارتباط هذه الأحكام بهذه الصفة ، وقام مقام ذلك من التصريح بذلك بالنطق ، فوجب جعل الجميع سواء في الحكم ، وأن الإسكار هو علة التحريم ، هذه إحدى الطريقتين في الاستدلال لمذهب الجمهور . والثانية : الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي ذكرها مسلم وغيره ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3506805كل مسكر حرام " وقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3506806نهى عن كل مسكر " وحديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=3506807كل مسكر خمر " وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي ذكره مسلم هنا في آخر كتاب الأشربة : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506808أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ) وفي رواية له : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3506809كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " وحديث النهي عن كل مسكر أسكر عن الصلاة . والله أعلم .