باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك وبتحققه تحققا تاما واستحباب الاجتماع على الطعام
2038 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15831خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان عن nindex.php?page=showalam&ids=11973أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=660807خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة قالا الجوع يا رسول الله قال وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا فقاموا معه فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين فلان قالت ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا من هذه وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحق بن منصور أخبرنا أبو هشام يعني المغيرة بن سلمة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد حدثنا يزيد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول بينا أبو بكر قاعد وعمر معه إذ أتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أقعدكما هاهنا قالا أخرجنا الجوع من بيوتنا والذي بعثك بالحق ثم ذكر نحو حديث خلف بن خليفة
فيه ثلاثة أحاديث الأول : حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في خروج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من الجوع ، وذهابهم إلى بيت الأنصاري وإدخال امرأته إياهم ، ومجيء الأنصاري وفرحه بهم ، وإكرامه لهم ، وهذا الأنصاري هو nindex.php?page=showalam&ids=2737أبو الهيثم بن التيهان ، واسم أبي الهيثم : مالك .
وأما قولهما - رضي الله عنهما - : ( أخرجنا الجوع ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما ) فمعناه : أنهما لما كانا عليه من مراقبة الله تعالى ، ولزوم طاعته ، والاشتغال به ، فعرض لهما هذا الجوع الذي يزعجهما ، ويقلقهما ، ويمنعهما من كمال النشاط للعبادة ، وتمام التلذذ بها سعيا في إزالته بالخروج في طلب سبب مباح يدفعانه به ، وهذا من أكمل الطاعات ، وأبلغ أنواع المراقبات ، وقد نهى عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين ، وبحضرة طعام تتوق النفس إليه ، وفي ثوب له أعلام ، وبحضرة المتحدثين وغير ذلك مما يشغل قلبه . ونهى القاضي عن القضاء في حال غضبه ، وجوعه ، وهمه ، وشدة فرحه وغير ذلك مما يشغل قلبه ، ويمنعه كمال الفكر . والله أعلم .
وقوله : ( بيوتكما ) هو بضم الباء وكسرها لغتان قرئ بهما في السبع ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنا - والذي نفسي بيده - لأخرجني الذي أخرجكما ) فيه جواز ذكر الإنسان ما يناله من ألم ونحوه ، لا على سبيل التشكي وعدم الرضا ، بل للتسلية والتصبر ، كفعله صلى الله عليه وسلم هنا ، ولالتماس دعاء أو مساعدة على التسبب في إزالة ذلك العارض ، فهذا كله ليس بمذموم ، إنما يذم ما كان تشكيا وتسخطا وتجزعا .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فأنا ) هكذا هو في بعض النسخ ( فأنا ) بالفاء وفي بعضها بالواو ، وفيه جواز الحلف من غير استحلاف ، وقد تقدم قريبا بسط الكلام فيه ، وتقدم بيانه مرات .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( قوموا ، فقاموا ) هكذا هو في الأصول بضمير الجمع ، وهو جائز بلا خلاف لكن الجمهور يقولون : إطلاقه على الاثنين مجاز ، وآخرون يقولون : حقيقة .
[ ص: 184 ] وقوله : ( فأتى رجلا من الأنصار ) هو nindex.php?page=showalam&ids=2737أبو الهيثم مالك بن التيهان بفتح المثناة فوق وتشديد تحت مع كسرها ، وفيه جواز الإدلال على الصاحب الذي يوثق به كما ترجمنا له ، واستتباع جماعة إلى بيته ، وفيه منقبة لأبي الهيثم إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم أهلا لذلك ، وكفى به شرفا ذلك .
وقولها : ( ذهب يستعذب لنا الماء ) أي يأتينا بماء عذب ، وهو الطيب ، وفيه : جواز استعذابه وتطييبه .
قوله : ( الحمد لله ، ما أحد اليوم أكرم ضيفا مني ) فيه فوائد منها : استحباب حمد الله تعالى عند حصول نعمة ظاهرة ، وكذا يستحب عند اندفاع نقمة كانت متوقعة ، وفي غير ذلك من الأحوال ، وقد جمعت في ذلك قطعة صالحة في كتاب الأذكار . ومنها : استحباب إظهار البشر ، والفرح بالضيف في وجهه وحمد الله تعالى ، وهو يسمع على حصول هذه النعمة ، والثناء على ضيفه إن لم يخف عليه فتنة ، فإن خاف لم يثن عليه في وجهه ، وهذا طريق الجمع بين الأحاديث الواردة بجواز ذلك ومنعه ، وقد جمعتها مع بسط الكلام فيها في كتاب الأذكار . وفيه : دليل على فضيلة هذا الأنصاري وبلاغته وعظيم معرفته ؛ لأنه أتى بكلام مختصر بديع في الحسن في هذا الموطن رضي الله عنه .
قوله : ( فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال : كلوا من هذه ) العذق هنا بكسر العين وهي الكباسة ، وهي الغصن من النخل ، وإنما أتى بهذا العذق الملون ليكون أطرف ، وليجمعوا بين أكل الأنواع فقد يطيب لبعضهم هذا ولبعضهم هذا . وفيه دليل على استحباب تقديم الفاكهة على الخبز واللحم وغيرهما ، وفيه استحباب المبادرة إلى الضيف بما تيسر ، وإكرامه بعده بطعام يصنعه له لا سيما إن غلب على ظنه حاجته في الحال إلى الطعام ، وقد يكون شديد الحاجة إلى التعجيل وقد يشق عليه انتظار ما يصنع له لاستعجاله للانصراف . وقد كره جماعة [ ص: 185 ] من السلف التكلف للضيف ، وهو محمول على ما يشق على صاحب البيت مشقة ظاهرة ؛ لأن ذلك يمنعه من الإخلاص وكمال السرور بالضيف ، وربما ظهر عليه شيء من ذلك فيتأذى به الضيف ، وقد يحضر شيئا يعرف الضيف من حاله أنه يشق عليه ، وأنه يتكلفه له فيتأذى لشفقته عليه ، وكل هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3506888من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " لأن أكمل إكرامه إراحة خاطره ، وإظهار السرور به ، وأما فعل الأنصاري ، وذبحه الشاة فليس مما يشق عليه ، بل لو ذبح أغناما بل جمالا وأنفق أموالا في ضيافة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما كان مسرورا بذلك ، مغبوطا فيه . والله أعلم .
قوله : ( وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياك والحلوب ) المدية : بضم الميم وكسرها هي السكين ، وتقدم بيانها مرات ، والحلوب : ذات اللبن ، فعول بمعنى مفعول كركوب ونظائره .
قوله في إسناد الطريق الثاني : ( وحدثني إسحاق بن منصور أنبأنا أبو هشام " يعني المغيرة بن سلمة " أنبأنا يزيد أنبأنا أبو حازم قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : هكذا وقع هذا الإسناد في النسخ ببلادنا ، وحكى القاضي عياض أنه وقع هكذا في رواية ابن ماهان ، وفي رواية الرازي من طريق الجلودي ، وأنه وقع من رواية السنجري عن الجلودي بزيادة رجل بين المغيرة بن سلمة ويزيد بن كيسان ، هو عبد الواحد بن زياد ، قال أبو علي الجياني : ولا بد من إثبات عبد الواحد ، ولا يتصل الحديث إلا به ، قال : وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقي في الأطراف عن مسلم عن إسحاق عن مغيرة عن عبد الواحد عن يزيد بن أبي كيسان عن أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال الجياني : وما وقع في رواية ابن ماهان وغيره من إسقاطه خطأ بين . قلت : ونقله خلف الواسطي في الأطراف بإسقاط [ ص: 186 ] عبد الواحد ، والظاهر الذي يقتضيه حال مغيرة ويزيد أنه لا بد من إثبات عبد الواحد ، كما قاله الجياني . والله أعلم . هذا ما يتعلق بالحديث الأول .