وأما قوله : ( حويتية ) فاختلف رواة صحيح مسلم في ضبطه ، فالأشهر أنه بحاء مهملة مضمومة ، ثم واو مفتوحة ، ثم ياء [ ص: 282 ] مثناة تحت ساكنة ، ثم مثناة فوق مكسورة ، ثم مثناة تحت مشدودة . وفي بعضهم : ( حوتنية ) بإسكان الواو ، وبعدها مثناة فوق مفتوحة ، ثم نون مكسورة ، وقد ذكرها القاضي . وفي بعضها : ( حونية ) بإسكان الواو ، وبعدها نون مكسورة . وفي بعضها : ( حريثية ) بحاء مهملة مضمومة ، وراء مفتوحة ، ثم مثناة تحت ساكنة ، ثم مثلثة مكسورة منسوبة إلى بني حريث ، وكذا وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لجمهور رواة صحيحه . وفي بعضها : ( حونبية ) بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الواو ، ثم نون مفتوحة ، ثم باء موحدة ، ذكره القاضي . وفي بعضها : ( خويثية ) بضم الخاء المعجمة ، وفتح الواو ، وإسكان المثناة تحت ، وبعدها مثلثة ، حكاه القاضي . وفي بعضها : ( جوينية ) بجيم مضمومة ، ثم واو ، ثم مثناة تحت ، ثم نون مكسورة ، ثم مثناة تحت مشددة . وفي بعضها : ( جونية ) بفتح الجيم ، وإسكان الواو ، وبعدها نون . قال القاضي في المشارق : ووقع لبعض رواة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ( خيبرية ) منسوبة إلى خيبر ، ووقع في الصحيحين : ( حوتكية ) بفتح الحاء وبالكاف أي صغيرة ، ومنه رجل حوتكي أي صغير . قال صاحب التحرير في شرح مسلم في الرواية الأولى : هي منسوبة إلى الحويت ، وهو قبيلة أو موضع .
وقال القاضي في المشارق : هذه الروايات كلها تصحيف إلا روايتي ( جونية ) بالجيم ، ( وحريثية ) بالراء والمثلثة فأما الجونية بالجيم فمنسوبة إلى بني الجون قبيلة من الأزد ، أو إلى لونها من السواد ، أو البياض ، أو الحمرة ، لأن العرب تسمي كل لون من هذه جونا . هذا كلام القاضي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في نهاية الغريب بعد أن ذكر الرواية الأولى : هذا وقع في بعض نسخ مسلم ، ثم قال : والمحفوظ المشهور ( جونية ) أي سوداء . قال : وأما الحويتية فلا أعرفها ، وطالما بحثت عنها فلم أقف لها على معنى . والله أعلم .
وأما قوله : ( قال شعبة : وأكثر علمي ) روي بالثاء المثلثة ، وبالباء الموحدة ، وهما صحيحان . و ( الميسم ) بكسر الميم سبق بيانه في الباب قبله ، وسبق هناك أن وسم الآدمي حرام ، وأما غير الآدمي فالوسم في وجهه منهي عنه ، وأما غير الوجه فمستحب في نعم الزكاة والجزية ، وجائز في غيرها ، وإذا وسم فيستحب أن يسم الغنم في آذانها ، والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب ، فيقل الألم فيه ، ويخف شعره ، ويظهر الوسم . وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض ، ويستحب أن يكتب في ماشية الجزية جزية أو صغار ، وفي ماشية الزكاة زكاة أو صدقة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه : يستحب كون ميسم الغنم ألطف من ميسم البقر ، وميسم البقر ألطف من ميسم الإبل ، وهذا الذي قدمناه من استحباب وسم نعم الزكاة والجزية هو مذهبنا ومذهب الصحابة كلهم رضي الله عنهم وجماهير العلماء بعدهم . ونقل ابن الصباغ وغيره إجماع الصحابة عليه .
وقال أبو حنيفة : هو مكروه لأنه تعذيب ومثلة ، وقد نهي عن المثلة . وحجة الجمهور هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي ذكرها مسلم ، وآثار كثيرة عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم ، [ ص: 283 ] ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها . والجواب عن النهي عن المثلة والتعذيب أنه عام ، وحديث الوسم خاص ، فوجب تقديمه . والله أعلم .
أما ( المربد ) فبكسر الميم وإسكان الراء وفتح الموحدة ، وهو الموضع الذي تحبس فيه الإبل ، وهو مثل الحظيرة للغنم . فقوله هنا : ( في مربد ) يحتمل أنه أراد الحظيرة التي للغنم ، فأطلق عليها اسم المربد مجازا لمقاربتها ، ويحتمل أنه على ظاهره ، وأنه أدخل الغنم إلى مربد الإبل ليسمها فيه .
وأما قوله : ( يسم الظهر ) فالمراد به الإبل ، سميت بذلك لأنها تحمل الأثقال على ظهورها .
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة : منها جواز الوسم في غير الآدمي واستحبابه في نعم الزكاة والجزية ، وأنه ليس في فعله دناءة ولا ترك مروءة ، فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم .