باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله إلى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته واستحباب التسمية بعبد الله وإبراهيم وسائر أسماء الأنبياء عليهم السلام
اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإن تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو ، فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ، ثم يفتح فم المولود ، ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه ، ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين وممن يتبرك به رجلا كان أو امرأة ، فإن لم يكن حاضرا عند المولود حمل إليه .
قوله : ( ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة حين ولد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له فقال : هل معك تمر ؟ " فقلت : نعم ، فناولته تمرات ، فألقاهن في فيه فلاكهن ، ثم فغر فا الصبي فمجه فيه ، فجعل الصبي يتلمظه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الأنصار التمر وسماه عبد الله ) .
أما العباءة فمعروفة ، وهي ممدودة ، يقال فيها ( عباية ) بالياء ، وجمع العباءة العباء . وأما قوله : ( يهنأ ) فبهمز آخره أي يطليه بالقطران ، وهو الهناء بكسر الهاء والمد ، يقال : هنأت البعير أهنؤه . ومعنى ( لاكهن ) أي مضغهن . قال أهل اللغة : اللوك مختص بمضغ الشيء الصلب . ( وفغر فاه ) بفتح الفاء والغين المعجمة أي فتحه . ( ومجه فيه ) أي طرحه فيه . ( ويتلمظ ) أي يحرك لسانه ليتتبع ما في فيه من آثار التمر ، والتلمظ واللمظ فعل ذلك باللسان يقصد به فاعله تنقية الفم من بقايا الطعام ، وكذلك ما على الشفتين ، وأكثر ما يفعل ذلك في شيء يستطيبه ، ويقال : تلمظ يتلمظ تلمظا ، ولمظ يلمظ بضم الميم لمظا بإسكانها ، ويقال لذلك الشيء الباقي في الفم لماظة بضم اللام .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( حب الأنصار التمر ) روي بضم الحاء وكسرها ، فالكسر بمعنى المحبوب [ ص: 303 ] كالذبح بمعنى المذبوح ، وعلى هذا فالباء مرفوعة أي محبوب الأنصار التمر ، وأما من ضم الحاء فهو مصدر ، وفي الباء على هذا وجهان النصب وهو الأشهر ، والرفع ، فمن نصب فتقديره انظروا حب الأنصار التمر ، فينصب التمر أيضا ، ومن رفع قال : هو مبتدأ حذف خبره أي حب الأنصار التمر لازم ، أو هكذا ، أو عادة من صغرهم . والله أعلم .