قوله في حديث صفية رضي الله عنها وزيارتها للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه عشاء ، فرأى الرجلين ، فقال : ( إنها صفية . فقالا : سبحان الله ، فقال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) .
الحديث فيه فوائد منها بيان كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ، ومراعاته لمصالحهم ، وصيانة قلوبهم وجوارحهم ، وكان بالمؤمنين رحيما فخاف صلى الله عليه وسلم أن يلقي الشيطان في قلوبهما فيهلكا ، فإن ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع ، والكبائر غير جائزة عليهم .
وفيه استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان ، وطلب السلامة والاعتذار بالأعذار الصحيحة ، وأنه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق ، وقد يخفى ، أن يبين حاله ليدفع ظن السوء . وفيه الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان فإنه يجري من الإنسان مجرى الدم ، فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه ، وشره والله أعلم .
[ ص: 331 ] قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) قال القاضي وغيره : قيل : هو على ظاهره ، وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه . وقيل : هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته ، فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه . وقيل : يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن ، فتصل الوسوسة إلى القلب . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( يا فلان هذه زوجتي فلانة ) هكذا هو في جميع النسخ بالتاء قبل الياء ، وهي لغة صحيحة ، وإن كان الأشهر حذفها ، وبالحذف جاءت آيات القرآن ، والإثبات كثير أيضا .
[ ص: 332 ] قولها : ( فقام معي ليقلبني ) هو بفتح الياء أي ليردني إلى منزلي . فيه جواز تمشي المعتكف معها ما لم يخرج من المسجد وليس في الحديث أنه خرج من المسجد .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( على رسلكما ) هو بكسر الراء وفتحها ، لغتان ، والكسر أفصح وأشهر ، أي على هيئتكما في المشي ، فما هنا شيء تكرهانه .