[ ص: 341 ] قوله : ( إن جبريل رقى النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وذكر الأحاديث بعده في الرقى ، وفي الحديث الآخر في الذين يدخلون الجنة بغير حساب ( لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون ) فقد يظن مخالفا لهذه الأحاديث ، ولا مخالفة ، بل المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار ، والرقى المجهولة ، والتي بغير العربية ، وما لا يعرف معناها ، فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر ، أو قريب منه ، أو مكروه . وأما الرقى بآيات القرآن ، وبالأذكار المعروفة ، فلا نهي فيه ، بل هو سنة .
ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين إن المدح في ترك الرقى للأفضلية وبيان التوكل . والذي فعل الرقى ، وأذن فيها لبيان الجواز ، مع أن تركها أفضل ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وحكاه عمن حكاه . والمختار الأول ، وقد نقلوا بالإجماع على جواز الرقى بالآيات ، وأذكار الله تعالى .
قال المازري : جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله ، أو بذكره ، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية ، أو بما لا يدرى معناه ، لجواز أن يكون فيه كفر .
قال : واختلفوا في رقية أهل الكتاب ، فجوزها أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه . ومن جوزها قال : الظاهر أنهم لم يبدلوا الرقى ، فإنهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه .
قال القاضي : وجاء في حديث في غير مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3507040سئل عن النشرة ، فأضافها إلى الشيطان . قال : والنشرة معروفة مشهورة عند أهل التعزيم ، وسميت بذلك لأنها تنشر عن صاحبها ، أي تخلي عنه . وقال الحسن : هي من السحر . قال القاضي : وهذا محمول على أنها أشياء خارجة عن كتاب الله تعالى وأذكاره ، وعن المداواة المعروفة التي هي من جنس المباح . وقد اختار بعض المتقدمين هذا ، فكره حل المعقود عن امرأته .
وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل به طب أي ضرب من الجنون ، أو يؤخذ عن امرأته ، أيخلى عنه أو ينشر ؟ قال : لا بأس به ، إنما يريدون به الصلاح ، فلم ينه عما ينفع . وممن أجاز النشرة الطبري ، وهو الصحيح .