قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507195أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع وأول مشفع ) قال الهروي : السيد هو الذي يفوق قومه في الخير ، وقال غيره : هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد ، فيقوم بأمرهم ، ويتحمل عنهم مكارههم ، ويدفعها عنهم .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( يوم القيامة ) مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة ، فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد ، ولا يبقى منازع ، ولا معاند ، ونحوه ، بخلاف الدنيا فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين . وهذا التقييد قريب من معنى قوله تعالى : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار مع أن الملك له سبحانه قبل ذلك ، لكن كان في الدنيا من يدعي الملك ، أو من يضاف إليه مجازا ، فانقطع كل ذلك في الآخرة .
وأما الحديث الآخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=3507198 " لا تفضلوا بين الأنبياء " فجوابه من خمسة أوجه : أحدها أنه صلى الله عليه وسلم قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم ، فلما علم أخبر به . والثاني قاله أدبا وتواضعا . والثالث أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص [ ص: 439 ] المفضول . والرابع إنما نهى عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث . والخامس أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة ، فلا تفاضل فيها ، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى ، ولا بد من اعتقاد التفضيل ، فقد قال الله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأول شافع وأول مشفع ) إنما ذكر الثاني لأنه قد يشفع اثنان ، فيشفع الثاني منهما قبل الأول . والله أعلم .