قوله : ( سألت أنس بن مالك : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب ؟ فقال : لم يبلغ الخضاب ، كان في لحيته شعرات بيض ) وفي رواية : ( لم ير من الشيب إلا قليلا ) ، وفي رواية : ( لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه ، ولم يخضب ) ، وفي رواية : ( لم يخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عنفقته ، وفي الصدغين ، وفي الرأس نبذ ) . وفي رواية : ( ما شانه الله ببيضاء ) . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه منه بيضاء ) ، ووضع الراوي بعض أصابعه على عنفقته . وفي رواية له : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب ) . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ( أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيء ، وإذا لم يدهن رئي منه ) . وفي رواية له : ( كان قد شمط مقدم رأسه ولحيته ) . وفي رواية لأنس : " يعد عدا ، توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . وفي حديث أم سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=3507209أنها أخرجت لهم شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم حمرا مخضوبة بالحناء والكتم . قال القاضي : اختلف العلماء هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فمنعه الأكثرون بحديث أنس ، وهو مذهب مالك . وقال بعض المحدثين : خضب لحديث أم سلمة هذا ، [ ص: 486 ] ولحديث ابن عمر أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=3507210رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة . قال : وجمع بعضهم بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة من كلام أنس في قوله : فقال ما أدري في هذا الذي يحدثون إلا أن يكون شيء من الطيب الذي كان يطيب به شعره ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الطيب كثيرا ، وهو يزيل سواد الشعر . فأشار أنس إلى أن تغيير ذلك ليس بصبغ ، وإنما هو لضعف لون سواده بسبب الطيب .
قال : ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعده لكثرة تطييب أم سلمة لها إكراما . هذا آخر كلام القاضي . والمختار أنه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت ، وتركه في معظم الأوقات ، فأخبر كل بما رأى ، وهو صادق وهذا التأويل كالمتعين ، فحديث ابن عمر في الصحيحين ، ولا يمكن تركه ، ولا تأويل له . والله أعلم .
وأما اختلاف الرواية في قدر شيبه فالجمع بينها أنه رأى شيئا يسيرا ، فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير ، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه كما قال في الرواية الأخرى : لم يشتد الشيب أي لم يكثر ، ولم يخرج شعره عن سواده وحسنه . كما قال في الرواية الأخرى : ( لم ير من الشيب إلا قليلا ) .