قوله صلى الله عليه وسلم : ( يغزو فئام من الناس ) هو بفاء مكسورة ثم همزة أي جماعة ، وحكى القاضي فيه بالياء مخففة بلا همز ، ولغة أخرى فتح الفاء حكاها عن الخليل ، والمشهور الأول . وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفضل الصحابة والتابعين وتابعيهم . والبعث هنا الجيش .
قوله ( عن عبيدة السلماني ) هو بفتح العين والسين وإسكان اللام منسوب إلى بني سلمان .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507340خيركم قرني ) وفي رواية ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507341خير الناس قرني ثم الذين يلونهم إلى آخره ) . اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم ، والمراد أصحابه ، وقد قدمنا أن الصحيح الذي عليه الجمهور [ ص: 67 ] أن كل مسلم رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة فهو من أصحابه ، ورواية ( خير الناس ) على عمومها ، والمراد منه جملة القرن ، ولا يلزم منه تفضيل الصحابي على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ولا أفراد النساء على مريم وآسية وغيرهما ، بل المراد جملة القرن بالنسبة إلى كل قرن بجملته . قال القاضي : واختلفوا في المراد بالقرن هنا ، فقال المغيرة : قرنه أصحابه ، والذين يلونهم أبناؤهم ، والثالث أبناء أبنائهم : وقال شهر : قرنه ما بقيت عين رأته ، والثاني ما بقيت عين رأت من رآه ، ثم كذلك . وقال غير واحد : القرن كل طبقة مقترنين في وقت ، وقيل : هو لأهل مدة بعث فيها نبي طالت مدته أم قصرت . وذكر الحربي الاختلاف في قدره بالسنين من عشر سنين إلى مائة وعشرين . ثم قال : وليس منه شيء واضح ، ورأى أن القرن كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد . وقال الحسن وغيره : القرن عشر سنين ، وقتادة : سبعون ، والنخعي : أربعون ، nindex.php?page=showalam&ids=15917وزرارة بن أبي أوفى : مائة وعشرون ، nindex.php?page=showalam&ids=16490وعبد الملك بن عمير : مائة ، وقال ابن الأعرابي : هو الوقت . هذا آخر نقل القاضي ، والصحيح أن قرنه صلى الله عليه وسلم الصحابة ، والثاني التابعون ، والثالث تابعوهم .
قوله : ( ينهوننا عن العهد والشهادات ) أي الجمع بين اليمين والشهادة ، وقيل : المراد النهي عن قوله : على عهد الله أو أشهد بالله .
[ ص: 68 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم يتخلف من بعدهم خلف ) هكذا هو في معظم النسخ : ( يتخلف ) ، وفي بعضها : ( يخلف ) بحذف التاء ، وكلاهما صحيح ، أي يجيء بعدهم خلف بإسكان اللام ، هكذا الرواية ، والمراد خلف سوء . قال أهل اللغة : الخلف ما صار عوضا عن غيره ، ويستعمل فيمن خلف بخير أو بشر ، لكن يقال في الخير : بفتح اللام وإسكانها لغتان ، الفتح أشهر وأجود ، وفي الشر بإسكانها عند الجمهور ، وحكي أيضا فتحها .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507343ثم يخلف قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا ) وفي رواية ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507344ويظهر قوم فيهم السمن ) السمانة بفتح السين هي السمن . قال جمهور العلماء في معنى هذا الحديث : المراد بالسمن هنا كثرة اللحم ، ومعناه أنه يكثر ذلك فيهم ، وليس معناه أن يتمحضوا سمانا . قالوا : والمذموم منه من يستكسبه ، وأما من هو فيه خلقة فلا يدخل في هذا ، والمتكسب له هو المتوسع في المأكول والمشروب زائدا على المعتاد ، وقيل : المراد بالسمن هنا أنهم يتكثرون بما ليس فيهم ، ويدعون ما ليس لهم من الشرف وغيره ، وقيل : المراد جمعهم الأموال .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يشهدون قبل أن يستشهدوا ) هذا الحديث في ظاهره مخالفة للحديث الآخر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3507345خير الشهود الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها " قال العلماء : الجمع بينهما أن الذم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق الآدمي هو عالم قبل أن يسألها صاحبها ، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة الآدمي ، ولا يعلم بها صاحبها ، فيخبره بها ليستشهده بها عند القاضي إن أراد ، ويلتحق به من كانت عنده شهادة حسبة ، وهي الشهادة بحقوق الله تعالى ، فيأتي القاضي ويشهد بها ، وهذا ممدوح إلا إذا كانت الشهادة بحد ، ورأى المصلحة في الستر . هذا الذي ذكرناه من الجمع بين الحديثين هو مذهب أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وجماهير العلماء ، وهو الصواب ، وقيل فيه أقوال ضعيفة خلاف قول من قال بالذم مطلقا ، ونابذ حديث المدح ، ومنها قول من حمله على شهادة الزور ، ومنها قول من حمله على الشهادة بالحدود ، وكلها فاسدة . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=16438عبد الله بن شبرمة بهذا الحديث لمذهبه في منعه الشهادة على الإقرار قبل أن يستشهد ، ومذهبنا ومذهب الجمهور قبولها .
[ ص: 69 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( ويخونون ولا يتمنون ) هكذا في أكثر النسخ : ( يتمنون ) بتشديد النون ، وفي بعضها : ( يؤتمنون ) ، ومعناه يخونون خيانة ظاهرة بحيث لا يبقى معها أمانة ، بخلاف من خان بحقير مرة واحدة ; فإنه يصدق عليه أنه خان ، ولا يخرج به عن الأمانة في بعض المواطن .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وينذرون ولا يوفون ) هو بكسر الذال وضمها ، لغتان . وفي رواية : ( يفون ) ، وهما صحيحان . يقال : وفى وأوفى فيه وجوب الوفاء بالنذر ، وهو واجب بلا خلاف ، وإن كان ابتداء النذر منهيا عنه كما سبق في بابه . وفي هذه الأحاديث دلائل للنبوة ، ومعجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; فإن كل الأمور التي أخبر بها وقعت كما أخبر .
قوله : ( سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11969أبا جمرة قال : حدثني زهدم بن مضرب ) أما أبو جمرة فبالجيم ، وهو أبو جمرة [ ص: 70 ] نصر بن عمران سبق بيانه في كتاب الإيمان في حديث وفد عبد القيس ، ثم في مواضع ، ولا خلاف أنه المراد هناك . وأما زهدم فبزاي مفتوحة ثم هاء ساكنة ثم دال مهملة مفتوحة . ومضرب بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وكسر الراء المشددة .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن عبد الله البهي عن عائشة ) هو بفتح الباء الموحدة وكسر الهاء ، وهذا الإسناد مما استدركه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، فقال : إنما روى البهي عن عروة عن عائشة . قال القاضي : قد صححوا روايته عن عائشة ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري روايته عن عائشة .