قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3507363قامت الرحم ، فقالت : هذا مقام العائذ من القطيعة ، قال : نعم ، أما ترضين أن [ ص: 88 ] أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى . قال : فذلك لك ) وفي رواية أخرى : nindex.php?page=hadith&LINKID=3507364الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله قال القاضي عياض : الرحم التي توصل وتقطع وتبر إنما هي معنى من المعاني ، ليست بجسم ، وإنما هي قرابة ونسب تجمعه رحم والدة ، ويتصل بعضه ببعض ، فسمي ذلك الاتصال رحما . والمعنى لا يتأتى منه القيام ولا الكلام ، فيكون ذكر قيامها هنا وتعلقها ضرب مثل ، وحسن استعارة على عادة العرب في استعمال ذلك ، والمراد تعظيم شأنها ، وفضيلة واصليها ، وعظيم إثم قاطعيها بعقوقهم ، لهذا سمي العقوق قطعا ، والعق الشق كأنه قطع ذلك السبب المتصل . قال : ويجوز أن يكون المراد قام ملك من الملائكة وتعلق بالعرش وتكلم على لسانها بهذا بأمر الله تعالى . هذا كلام القاضي . والعائذ المستعيذ ، وهو المعتصم بالشيء الملتجئ إليه المستجير به . قال العلماء : وحقيقة الصلة العطف والرحمة ، فصلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ، ورحمته إياهم ، وعطفه بإحسانه ونعمه ، أو صلتهم بأهل ملكوته الأعلى ، وشرح صدورهم لمعرفته وطاعته . قال القاضي عياض : ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة ، وقطيعتها معصية كبيرة . قال : والأحاديث في الباب تشهد لهذا ، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض ، وأدناها ترك المهاجرة ، وصلتها بالكلام ولو بالسلام ، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة ، فمنها واجب ، ومنها مستحب ، ولو وصل بعض الصلة لم يصل غايتها لا يسمى قاطعا ، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لا يسمى واصلا . قال : واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها ، فقيل : هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما . فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام ولا أولاد الأخوال ، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه ، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال . وقيل : هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث ، يستوي المحرم وغيره ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ثم أدناك أدناك هذا كلام القاضي . وهذا القول الثاني هو الصواب ، ومما يدل عليه الحديث السابق في أهل مصر : فإن لهم ذمة ورحما وحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=3507365إن أبر البر أن يصل أهل ود أبيه مع أنه لا محرمية . والله أعلم .