صفحة جزء
2572 حدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم جميعا عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود قال دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقالت ما يضحككم قالوا فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه أو عينه أن تذهب فقالت لا تضحكوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة
قوله : ( إن عائشة رضي الله عنها قالت للذين ضحكوا ممن عثر بطنب فسطاط : لا تضحكوا ) فيه النهي عن الضحك من مثل هذا إلا أن يحصل غلبة لا يمكن دفعه ، وأما تعمده فمذموم ; لأن فيه إشماتا بالمسلم وكسرا لقلبه . و ( الطنب ) بضم النون وإسكانها هو الحبل الذي يشد به الفسطاط ، وهو الخباء ونحوه . ويقال فستاط بالتاء بدل الطاء ، وفساط بحذفها مع تشديد السين ، والفاء مضمومة ومكسورة فيهن ، فصارت ست لغات .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ، ومحيت عنه بها خطيئة ) وفي بعض النسخ ( وحط عنه بها ) وفي رواية إلا كتب الله بها حسنة ، أو حط عنه بها خطيئة في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين ، [ ص: 100 ] فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور . وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها ، وإن قلت مشقتها . وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور ، وزيادة الحسنات ، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء . وحكى القاضي عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ، ولا ترفع درجة ، ولا تكتب حسنة . قال : وروي نحوه عن ابن مسعود قال : الوجع لا يكتب به أجر ، لكن تكفر به الخطايا فقط ، واعتمد على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا ، ولم تبلغه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات ، وكتب الحسنات . قال العلماء : والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء ثم الأمثل فالأمثل أنهم مخصوصون بكمال الصبر ، وصحة الاحتساب ، ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ليتم لهم الخير ، ويضاعف لهم الأجر ، ويظهر صبرهم ورضاهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية