قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعوها فإنها منتنة ) أي قبيحة كريهة مؤذية .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعه . لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الحلم ، وفيه ترك بعض الأمور المختارة ، والصبر على بعض المفاسد خوفا من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه ، وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ، ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين ، وتتم دعوة الإسلام ، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة ، ويرغب غيرهم في الإسلام ، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك ، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ، ولإظهارهم الإسلام ، وقد أمر بالحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر ، ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه صلى الله عليه وسلم ، ويجاهدون معه إما حمية ، وإما لطلب دنيا ، أو عصبية لمن معه من عشائرهم . قال القاضي : واختلف العلماء هل بقي [ ص: 108 ] حكم الإغضاء عنهم ، وترك قتالهم ، أو نسخ ذلك عند ظهور الإسلام ، ونزول قوله تعالى : جاهد الكفار والمنافقين وأنها ناسخة لما قبلها : وقيل قول ثالث : أنه إنما كان العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم ، فإذا أظهروه قتلوا .