وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( أغضب كما يغضب البشر ) فقد يقال : ظاهره أن السب ونحوه كان بسبب الغضب ، وجوابه ما ذكره المازري قال : يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد أي دعاءه وسبه وجلده كان مما يخير فيه بين أمرين : أحدهما هذا الذي فعله ، والثاني : زجره بأمر آخر ، فحمله الغضب لله تعالى على أحد الأمرين المتخير فيهما ، وهو سبه أو لعنه وجلده ونحو ذلك ، وليس ذلك خارجا عن حكم الشرع والله أعلم .
[ ص: 118 ] ومعنى ( اجعلها له صلاة ) أي رحمة كما في الرواية الأخرى ، والصلاة من الله تعالى : الرحمة .
قوله : ( جلده ) قال : وهي لغة nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وإنما هي جلدته . معناه أن لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهي المشهورة لعامة العرب ( جلدته ) بالتاء ، ولغة nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( جلده ) بتشديد الدال على إدغام المثلين وهو جائز .
قوله : ( سالم مولى النصريين ) بالنون والصاد المهملة سبق بيانه مرات .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق ابن أبي طلحة ) هكذا هو في جميع النسخ ، وهو صحيح ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة نسبه إلى جده .
قوله : ( كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس ) فقوله : ( وهي أم أنس ) يعني nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم هي أم أنس .
قوله : ( فقال لليتيمة أنت هيه ) هو بفتح الياء وإسكان الهاء وهي هاء السكت .
[ ص: 119 ] قولها : ( لا يكبر سني ، أو قالت : قرني ) بفتح القاف ، وهو نظيرها في العمر . قال القاضي : معناه لا يطول عمرها ; لأنه إذا طال عمره طال عمر قرنه ، وهذا الذي قال فيه نظر ; لأنه لا يلزم من طول عمر أحد القرنين طول عمر الآخر ، فقد يكون سنهما واحدا ، ويموت أحدهما قبل الآخر .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لها : ( لا كبر سنك ) فلم يرد به حقيقة الدعاء ، بل هو جار على ما قدمناه في ألفاظ هذا الباب .
قوله : ( تلوث خمارها ) هو بالمثلثة في آخره أي تديره على رأسها .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=11989أبي حمزة القصاب عن ابن عباس ) nindex.php?page=showalam&ids=11989أبو حمزة هذا بالحاء والزاي اسمه عمران بن أبي عطاء الأسدي الواسطي القصاب بياع القصب . قالوا : وليس له عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث ، وله عن ابن عباس من قوله أنه يكره مشاركة المسلم اليهودي ، وكل ما في الصحيحين أبو جمرة عن ابن عباس فهو بالجيم والراء ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=11969نصر بن عمران الضبعي ، إلا هذا القصاب فله في مسلم هذا الحديث وحده ، لا ذكر له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
[ ص: 120 ] قوله : ( عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواريت خلف باب ، فجاء فحطأني حطأة ، وقال : " اذهب ادع لي معاوية ) وفسر الراوي أي قفدني . أما ( حطأني ) فبحاء ثم طاء مهملتين وبعدها همزة ، و ( قفدني ) بقاف ثم فاء ثم دال مهملة . وقوله : ( حطأة ) بفتح الحاء وإسكان الطاء بعدها همزة ، وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين ، وإنما فعل هذا nindex.php?page=showalam&ids=11بابن عباس ملاطفة وتأنيسا . وأما دعاؤه على معاوية أن لا يشبع حين تأخر ففيه الجوابان السابقان : أحدهما أنه جرى على اللسان بلا قصد ، والثاني أنه عقوبة له لتأخره . وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له . وفي هذا الحديث جواز ترك الصبيان يلعبون بما ليس بحرام . وفيه اعتماد الصبي فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه من حمل هدية ، وطلب حاجة ، وأشباهه . وفيه جواز إرسال صبي غيره ممن يدل عليه في مثل هذا ، ولا يقال : هذا تصرف في منفعة الصبي ; لأن هذا قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة به للحاجة ، واطرد به العرف وعمل المسلمين . والله أعلم .