قوله صلى الله عليه وسلم في الذي اشتد غضبه : ( إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد : أعوذ بالله [ ص: 125 ] من الشيطان الرجيم ) فيه أن الغضب في غير الله تعالى من نزغ الشيطان ، وأنه ينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأنه سبب لزوال الغضب . وأما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه : هل ترى بي من جنون ؟ فهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى ، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة ، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجنون ، ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ، ويتكلم بالباطل ، ويفعل المذموم ، وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب ، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال له : nindex.php?page=hadith&LINKID=3507411أوصني قال : لا تغضب فردد مرارا قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=3507412لا تغضب " فلم يزده في الوصية على " nindex.php?page=hadith&LINKID=3507413لا تغضب " مع تكراره الطلب ، وهذا دليل ظاهر في عظم مفسدة الغضب وما ينشأ منه . ويحتمل أن هذا القائل : " هل ترى بي من جنون؟ " كان من المنافقين ، أو من جفاة الأعراب . والله أعلم .