اختلف العلماء في طهارة مني الآدمي ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة إلى نجاسته ، إلا أن أبا حنيفة قال : يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابسا ، وهو رواية عن أحمد ، وقال مالك : لا بد من غسله رطبا ويابسا ، وقال الليث : هو نجس ولا تعاد الصلاة منه ، وقال الحسن : لا تعاد الصلاة من المني في الثوب وإن [ ص: 530 ] كان كثيرا ، وتعاد منه في الجسد إن قل ، وذهب كثيرون إلى أن المني طاهر ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وداود وأحمد في أصح الروايتين ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحاب الحديث ، وقد غلط من أوهم أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - تعالى - منفرد بطهارته . ودليل القائلين بالنجاسة رواية الغسل . ودليل القائلين بالطهارة رواية الفرك ، فلو كان نجسا لم يكف فركه كالدم وغيره ، قالوا : ورواية الغسل محمولة على الاستحباب والتنزه واختيار النظافة . والله أعلم .
هذا حكم مني الآدمي ، ولنا قول شاذ ضعيف : أن مني المرأة نجس دون مني الرجل ، وقول أشذ منه أن مني المرأة والرجل نجس ، والصواب أنهما طاهران ، وهل يحل أكل المني الطاهر ؟ فيه وجهان أظهرهما : لا يحل لأنه مستقذر ، فهو داخل في جملة الخبائث المحرمة علينا ، وأما مني باقي الحيوانات غير الآدمي فمنها الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما وحيوان طاهر ومنيها نجس بلا خلاف ، وما عداها من الحيوانات في منيه ثلاثة أوجه : الأصح : أنها كلها طاهرة من مأكول اللحم وغيره ، والثاني : أنها نجسة . والثالث : مني مأكول اللحم طاهر ، ومني غيره نجس . والله أعلم .
وأما ألفاظ الباب : ففيه ( nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله عن خالد عن أبي معشر ) واسمه زياد بن كليب التميمي الحنظلي الكوفي . وأما ( خالد ) الأول فهو الواسطي الطحان . وأما ( خالد ) الثاني فهو الحذاء وهو nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد بن مهران أبو المنازل بضم الميم البصري . وفيه قولها : ( كان يجزئك ) هو بضم الياء وبالهمز . وفيه ( nindex.php?page=showalam&ids=12246أحمد بن جواس ) هو بجيم مفتوحة ثم واو مشددة ثم ألف ثم سين مهملة . وفيه ( شبيب بن غرقدة ) هو بفتح الغين [ ص: 531 ] المعجمة وإسكان الراء وفتح القاف . وفيه قولها : ( فلو رأيت شيئا غسلته ) هو استفهام إنكار حذفت منه الهمزة ، تقديره : أكنت غاسله معتقدا وهو غسله ، وكيف تفعل هذا وقد كنت أحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري ولو كان نجسا لم يتركه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكتف بحكه ، والله أعلم .
وقد استدل جماعة من العلماء بهذا الحديث على طهارة رطوبة فرج المرأة ، وفيها خلاف مشهور عندنا وعند غيرنا والأظهر طهارتها ; وتعلق المحتجون بهذا الحديث بأن قالوا الاحتلام مستحيل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم ، فلا يكون المني الذي على ثوبه - صلى الله عليه وسلم - إلا من الجماع ، ويلزم من ذلك مرور المني على موضع أصاب رطوبة الفرج ، فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المني ولما تركه في ثوبه ولما اكتفى بالفرك ، وأجاب القائلون بنجاسة رطوبة فرج المرأة بجوابين أحدهما : جواب بعضهم أنه يمتنع استحالة الاحتلام منه - صلى الله عليه وسلم - وكونها من تلاعب الشيطان بل الاحتلام منه جائز - صلى الله عليه وسلم - ، وليس هو من تلاعب الشيطان ، بل هو فيض زيادة المني يخرج في وقت ، والثاني : أنه يجوز أن يكون ذلك المني حصل بمقدمات جماع فسقط منه شيء على الثوب ، وأما المتلطخ بالرطوبة فلم يكن على الثوب . والله أعلم .